دعا خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، إلى ضرورة وجود مرجعية وطنية مشتركة موحدة، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، لإعادة الاعتبار للمنظمة، على أساس أنها منجز وطني للشعب الفلسطيني، حيث وجه مشعل نداء غير مسبوق الأربعاء الماضي، دعا فيه إلى توحيد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع منظمة التحرير الفلسطينية، ما يدخلها، لأول مرة في تاريخها، إلى المنظمة الرئيسية المعترف بها دوليًّا ومن الكيان الصهيوني كممثل عن الفلسطينيين، وذلك في كلمة متلفزة له، خلال مؤتمر الأمن القومي الفلسطيني الرابع، الذي عقدته أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا بغزة.
وقال مشعل خلال المؤتمر: “إنه آن الأوان لنا كقادة وفصائل وشخصيات فلسطينية أن نعيد الاعتبار للمنظمة، وأن نذهب إلى الأمم المتحدة، ونطرق المؤسسات الدولية موحدين”.
وفي عبارات تهيئ الخطوة للشارع الحمساوي، وتقلل من مخاوف الفتحاويين، وتؤكد أن هناك تفاهمات مع فتح رئيسة منظمة التحرير حاليًّا، والتي تضم أيضًا الفصائل اليسارية المتمثلة بـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” و”الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”، وكذلك فصائل أصغر، قال مشعل: “البعض متخوف من حركة حماس في حالة دخولها المنظمة أن تسيطر عليها”، مؤكدًا أن حركته لا تفكر في هذا الأمر، “فلا يحق لأحد أن يسيطر، أو أن يعمل منفردًا، ويفرض قراره، بل ندعو دائمًا إلى أن نكون شركاء في المنظمة وكافة مكونات الدولة الفلسطينية”.
ولفت إلى أن حركته تريد العمل مع شركاء أقوياء، مطالبًا حركة فتح بالمضي قدمًا نحو إنجاز ملف المصالحة، “حتى نذهب إلى المحيط العربي موحدين، وبالتالي نقصر عمر الاحتلال الإسرائيلي”.
وعلى الرغم من أن مشعل أكد ضرورة حمل السلاح بالقول: “إنه في المرحلة القادمة يجب وضع استراتيجية وطنية مشتركة تذهب بنا إلى مشروع وطني تحريري، تشمل كافة مكونات وشرائح الشعب الفلسطيني”، مؤكدًا أن حركته مشروع تحرير، “وطالما أرضنا تحت الاحتلال فإن حقنا الشرعي أن نحمل السلاح، وأن ندافع عنها”، إلا أن قرار حماس بالانضمام إلى المنظمة قد يؤثر على الخيارات العسكرية لحماس، فمنظمة التحرير الفلسطينية والتي تأسست عام 1964، هي منظمة سياسية شبه عسكرية، وفي الأساس كان الهدف الرئيسي من إنشاء منظمة التحرير، هو تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح، إلا أن المنظمة تبنت فيما بعد فكرة إنشاء دولة ديمقراطية علمانية مؤقتًا في جزء من فلسطين، حيث كان ذلك في عام 1974 في البرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، الأمر الذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية، وشكلت ما يعرف بجبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية، ولم تكن حركة حماس قد تأسست وقتها.
رغبة حماس في الانضمام إلى المنظمة في هذا التوقيت، في ظل الانقسامات بين فتح وحماس، والانقسام الفتحاوي الفتحاوي، يطرح العديد من علامات الاستفهام، فدعوة مشعل في كلمته إلى إبقاء الثوابت الوطنية على بوصلة المفاوض الفلسطيني، رغم اختلال بعض الرؤى والقناعات عند البعض، تشير إلى أنه لا أرضية مشتركة تستطيع كل من فتح وحماس التعويل عليها، خاصة أن حركة حماس لا تملك إلا ثلاثة خيارات بالنسبة لتعاملها مع منظمة التحرير الفلسطينية، فإما الاعتراف بتمثيلها الأوحد للشعب العربي الفلسطيني بالداخل والشتات، وإما إسقاط هذا الاعتراف والسعي إلى إبراز نفسها كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو خيار ترفضه الحركة، أو الخيار الثالث والمتمثل في السعي للاتفاق على إصلاح مؤسسات المنظمة التحرير والدخول إلى صفوفها بوزنها وحضورها وتمثيلها على الأرض، ولكن دخول حماس إلى المنظمة دون إصلاحها قد ينعكس سلبًا على الحياة السياسية والعسكرية في فلسطين المحتلة، خاصة أن المنظمة الفلسطينية، والتي تعترف بها الأمم المتحدة وإسرائيل والجامعة العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، تدور حاليًّا في فلك دول عربية تنشد السلام مع الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي أكد عليه مشعل في خطابه، حيث استنكر هرولة بعض الدول العربية إلى الكيان الصهيوني، مطالبًا بألا تذهب الدول العربية لإدارة علاقاتها الدولية عبر تل أبيب، داعيًا كذلك إلى إبقاء فلسطين قضية أولى للعرب والمسلمين، مبرزًا أنّ “إسرائيل هي أساس المشكلة في المنطقة، والأمن القومي الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ونحن ندافع عن العرب وأمنهم”، وهنا يحمل استنكار مشعل التقارب العربي مع تل أبيب، والانضمام في نفس الوقت إلى منظمة التحرير المعترف بها عربيًّا، الكثير من المغالطات، فحماس دائمًا ما كانت تتهم منظمة التحرير الفلسطينية بسعيها لتضييق الخناق عليها هي وأطراف عربية وإسرائيلية أخرى، كما أن دخول حماس على أرضية فتح ومنظمة التحرير سيثير جدلًا كبيرًا، خاصة أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لم يلغِ اتفاق أوسلو من الجانب الفلسطيني، كما أن منظمة التحرير لم تعلن سحب الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني إسرائيل، إضافة إلى أن منظمة التحرير التي مشت في جنازة القاتل شيمون بيريز لا تمثل تحركاتها توافقًا شعبيًّا.
ويرى مراقبون أن مشعل طمأن الجمهور الفتحاوي بأن حماس لا تسعى للسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية في حال انضمامها إليها، لكنه لم يذكر ما إذا كانت فتح ستسيطر على حماس في حال انضمام الأخيرة للمنظمة، خاصة أن حماس والتي تقف على الأرضية القطرية، وفي ظل تقارب حليفها التركي مع تل أبيب، وتوغل محمد دحلان في فتح، بحثت عن تقاطعات سياسية فقط مع المنظمة دون العسكرية، كطرق باب الأمم المتحدة من خلال منظمة التحرير، وأن القدس وعودة اللاجئين وتحرير الأسرى يجب أن يكون لها الأولوية في المفاوضات السياسية.
الجدير بالذكر أن خالد مشعل دعا إلى الوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية في أعقاب لقاء نادر جمعة مع أبو مازن في قطر 27 أكتوبر الماضي.