عاد نور الدين عيوش، أحد المدافعين عن العامية المغربية ليثير الجدل من جديد في أوساط المغاربة، بإطلاقه أول قاموس للدارجة وشرح كلماتها.
عيوش الذي يعد واحداً من رجال الإعلانات في المغرب وعضواً بالمجلس الأعلى للتعليم (مؤسسة رسمية تقدم الاستشارة للحكومة)، لا ينفك عن الدفاع عن استعمال العامية التي يسميها “العربية المغربية”، ويعتبر تعلمها واستعمالها، خاصة في الأقسام الأولى من التعليم الابتدائي فرصة لتسهيل مرور التلميذ صوب تعلم العربية الفصحى.
عيوش: لست عدواً للغة العربية
واعتبر نور الدين عيوش، أن قاموسه الجديد الخاص بالعامية المغربية، لا يستهدف اللغة العربية الفصحى، مؤكداً في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي”، أنه يشجع على تعلم العربية والأمازيغية، باعتبارهما لغتين رسميتين وفق الدستور المغربي.
وشدَّد عيوش الذي سبق له أن أثار الجدل بمناظرة حول تدريس العامية المغربية، على أن تعلمها بالنسبة للتلاميذ “سيمكنه من مرور سلس إلى العربية الفصحى”.
وأوضح صاحب القاموس الجديد، أنه سيعمل رفقة الطاقم المكون من أساتذة باحثين على إعداد قاموس إلكتروني سيمكن من تسهيل عملية إدخال الكلمات المستعملة في كل منطقة بالمغرب، وشرحها لعموم المغاربة والأجانب الذين يرغبون في تعلم العامية.
كما أن هذا العمل لن يقتصر بحسب المتحدث نفسه على قاموس وحيد، بل سيتم في كل سنتين إصدار قاموس جديد يضم الكلمات الجديدة في العربية المغربية.
وكشف عيوش أنه دافع عن استعمال الدارجة بالمدرسة من داخل المجلس الأعلى للتعليم، غير أنه وُوجه هنا بمناهضين لهذا الطرح “إلا أنني تمكنت من إقناع الأعضاء بضرورة التعامل بها في الأقسام الأولى قبل السلك الابتدائي”.
قاموس عيوش “مؤامرة”
قاموس عيوش، وعلى غرار مناظرته السابقة، لم يكن ليمر دون أن يجعل المدافعين عن استعمال اللغة العربية يخرجوا لانتقادها، إذ انتقد رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية موسى الشامي هذا الأمر، معتبراً إياه “مؤامرة”.
الشامي في اتصال هاتفي مع “هافينغتون بوست”، اعتبر أن قاموس عيوش “جاء من أجل تحطيم اللغة العربية، وهذا الأمر لن نسمح به”، مضيفاً: “عيوش ليس رجل علم حتى يقوم بتمويل هذا الكتاب”.
وبعد أن أكد على “حق عيوش في إعداد قاموس طالما أن المغرب بلد ديمقراطي”، أوضح المتحدث نفسه أنه “إن كان هذا بحثاً علمياً أكاديمياً، فهذا يشرف الدارجة، لكن أن يُستعمل العمل من أجل البحث عن انتصارات للفرنكوفونية، فهذا لن نقبل به”.
واتهم رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، الأساتذة الجامعيين الذين أشرفوا على إعداد القاموس بالعداء للغة العربية، قائلاً “هؤلاء الأساتذة معروفون بعدائهم للغة، ولهم حقد دفين عليها، ونحن لن نقبل بالمساس باللغة العربية”.
تعميم دارجة وسط المملكة
وكان الأساتذة المشرفون على قاموس الدارجة المغربية، قد أكدوا أن الكلمات المستعملة فيه ليست هي الدارجة المعتمدة في جميع ربوع المغرب، بل تم الاقتصار على اللهجة التي يتحدث بها المغاربة الموجودون وسط المملكة، وبالخصوص بجهتي “الدار البيضاء سطات، والرباط سلا القنيطرة”.
وبرر الباحثون الذين اشتغلوا على القاموس لأربع سنوات هذا الأمر، خلال ندوة نظمت بالدار البيضاء الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الأول، بكون هاتين الجهتين يضمان أكبر تجمع ديمغرافي بالمغرب، ما جعل اللهجة المستعملة بهما مفهومة لدى المغاربة بالجهات الأخرى، كما أنها تستعمل بوسائل الإعلام السمعية والبصرية.
وأشار الباحثون المنضوون تحت لواء “مركز زاكورة للدارجة المغربية”، أنه سيتم العمل مستقبلاً على إعداد قواعد في النحو خاصة بالعربية المغربية، وكذا تشجيع الكتابة بها عبر نشر مختارات نصوص، بالإضافة إلى إصدار طريقة لتعليم اللغة بناء على استعمال أحد الابتكارات في التدريس.