عبر وزيرا الخارجية الألماني والتركي، السبت 6 يناير 2017، عن رغبتهما في استئناف حوار وثيق بينهما، بعد سنوات من التوتر في العلاقات الثنائية.
وغداة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى باريس، توجه مولود تشاوش أوغلو إلى مدينة غوسلار (حوالي 250 كلم غربي برلين)، الدائرة الانتخابية لنظيره الألماني سيغمار غابريال.
وتأتي هذه الزيارة في إطار الجهود التي تبذلها أنقرة للخروج من عزلتها بعد الانقلاب الفاشل عام 2016، ولاستئناف الحوار الذي تراجع إلى حد كبير مع الاتحاد الأوروبي.
ونقاط الخلاف بين ألمانيا وتركيا عديدة، لكن برلين شعرت باستياء كبير بعد توقيف عدد من مواطنيها في تركيا.
وتتهم أنقرة من جهتها برلين بالتساهل حيال الانفصاليين الأكراد وعدد من الذين يشتبه بتورطهم في المحاولة الانقلابية. وذهب أردوغان إلى حد اتهام المستشارة أنجيلا ميركل بـ”ممارسات نازية”.
وفي مؤتمر صحفي مشترك، السبت، قال غابرييل إنه “سعيد جداً” بأن الحوار بين برلين وأنقرة الشريكتين الاستراتيجيتين نظراً لوجود الأقلية التركية الكبيرة في ألمانيا “يعود خطوة خطوة على أساس أفضل”.
وقال “تعهدنا أن نبذل كل الجهود لتجاوز الصعوبات في العلاقات الألمانية التركية”، موضحاً أنه يفضل حواراً “في إطار انفتاح واحترام متبادل”، وإن كان وزيرا الخارجية “لا يملكان الآراء نفسها حول كل القضايا”.
– “ضغوط وتهديدات” –
تشاوش أوغلو أكد أنه لا ألمانيا ولا تركيا “يمكن أن تخضع للضغوط أو التهديدات أو أي وسائل مشابهة”. وأضاف: “إنها ليست الوسائل الجيدة برأينا”، مؤكداً ضرورة إحياء التعاون الاقتصادي بين البلدين عبر “الحوار والتفاهم المشترك والتعاون”.
وكانت الأزمة حادة بشكل خاص في الأشهر الأخيرة، مع انتقاد أنقرة بشدة لتوقيف عدد من رعاياها، بعضهم يحملون جنسيتي البلدين.
وحذرت برلين الصيف الماضي رعاياها من السفر إلى تركيا وشركاتها من الاستثمار في هذا البلد. كما جمدت صادرات الأسلحة إلى تركيا، العضو مثلها في حلف شمال الأطلسي.
وأرسلت الحكومة التركية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني، مؤشرات تهدئة عديدة إلى برلين، خصوصاً عبر الإفراج المشروط أو الكامل عن عدد من الأشخاص الذين يحملون الجنسية الألمانية في تركيا.
لكن 7 ألمان بينهم 4 يحملون الجنسيتين، لا يزالون في الوقت الراهن مسجونين في تركيا لأسباب “سياسية” بحسب برلين.
ويشكل مصير الألماني التركي دنيز يوجيل مراسل صحيفة “دي فيلت” الألمانية، وهو معتقل منذ نحو سنة، ولم يصدر حتى الآن أي قرار اتهامي بحقه، يشكل مصدر الخلاف الرئيسي بين برلين وأنقرة.
وهاجم أردوغان الجمعة في باريس “هؤلاء الذين نعتبرهم رجال فكر، في حين أنهم عملياً يدعمون” المتطرفين.
– “نازية” –
واتهم أردوغان المستشارة الألمانية بممارسات تعود إلى حقبة “النازية”، بعد منع نواب أتراك في الربيع الماضي من إجراء حملة في ألمانيا من أجل الاستفتاء حول تعزيز صلاحيات الرئيس التركي.
في المقابل، سعت المستشارة في الأشهر الأخيرة إلى وقف مفاوضات انضمام تركيا.
لكن الشركاء لم يعلقوا على اقتراحها، رغم اقتراب ماكرون الجمعة من هذا الموقف، عبر عرضه على تركيا “شراكة” مع الاتحاد الأوروبي، بدلاً من الانضمام إليه.
لكن تشاوش أوغلو أكد في ألمانيا ضرورة مراجعة الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، لتوسيعه لأن ذلك “يخدم مصالح الطرفين”.
وتتردد ألمانيا على غرار جيرانها الأوروبيين، في قطع الجسور نهائياً مع شريك أساسي بالنسبة لهم. وتعتبر تركيا عنصراً أساسياً لاحتواء المهاجرين ومكافحة الإرهاب.