ذ. كمال كحلي
يقوم المدرس بأدوار مختلفة هامة، فهو مربي وموجه ومعلم وصديق ووسيط ثقافي وقائد للجماعة وقدوة للمتمدرسين، فهو يقوم بكثير من هذه الأدوار عن طريق ملكات نمت لديه نتيجة لنشأته وتأثره بمحيطه، أو كفايات اكتسبها من خلال تخصصه المهني كمدرس، فالمتمدرس فاعل في المجتمع يؤثر ويتأثر في دورة ركائزها الأسرة والمدرسة والمجتمع ومختلف البنيات الاجتماعية.
ومن مداخل تأثير المدرس على المتمدرسين في أدائهم وسلوكاتهم، هي العلاقات الشخصية والإنسانية بينه وبينهم، فسلوك المدرس له انعكاس على سلوك ومردودية المتمدرس، لأن توتر المدرس واندفاعه يولد توترا واندفاعا أعمى لدى المتمدرسين، في حين أن الطريقة الهادئة والعناية اللازمة والدقة التي يتبعها مدرس آخر، تكون لها أثار إيجابية على أدائهم وسلوكياتهم، وأيضا منطق المدرس في تدبير جماعته (القسم) له دور، فالمنطق الاجتماعي غير السلطوي الذي يأخذ فيه بعين الاعتبار خبرات المتمدرسين ورغباتهم وآرائهم، له الأثر البالغ على المتمدرسين، حيث يتصفون بالتعاون والاعتماد على النفس والقدرة على الإبداع والابتكار.
فكلما كان المدرس (اجتماعي) محفزا وحكيما في توجيه مجهود التلاميذ ومثيرا وباعثا على الثقة، كلما تولدت لدى المتعلم رغبة المحاولة والمشاركة وعدم الخوف من الأخطاء، في حين إن كان المدرس (سلطوي) آمرا ولا يتجاوز عن الأخطاء، وناقدا سلبيا، يصبح المتعلم شديد الحساسية يخاف المحاولة، متمردا ومكبوح الإرادة.
فاختيار مدرس المستقبل، يرتكز أساسا على أن يكون على درجة عالية من الإلمام بالمواد التي يدرسها، وهذا مطلوب، لكن المطلوب أيضا، تميزه بصفات التعاون والعطف ومراعاة الشعور والصبر والسلوك الرصين والخلق الطيب والمظهر اللائق والعدل والاهتمام بمشكلات المتمدرس والمرونة واستخدام التحفيز والتقدير.
وأمام مجموعة من التحولات المجتمعية والقيمية والتكنولوجية، بات من الواجب دعم المدرس ومواكبته وتأهيله، لمساعدته على القيام بأدواره كميسر للمعرفة والمهارات الشخصية والاجتماعية حتى يتمكن من تنظيم بيئة ديمقراطية (داخل القسم)، حاضنة لقيم تعزز قيم المواطنة، وكذا العلاقات الإنسانية والاجتماعية بينه وبين المتمدرسين، وحتى بين المتمدرسين أنفسهم.