حذر زعيم أعرق الأحزاب بالمغرب من أجواء الاحتقان الاجتماعي والجمود السياسي، وإصرار الحكومة على مواجهة مطالب التنمية وآمال الإصلاح والتغيير والتطور، التي يعبر عنها المواطنون والمواطنات بأشباه الحلول، وبالتدابير الصغيرة والترقيعية، وبتدوير التوجهات والبرامج والوصفات التي لم تعد صالحةً لحاضر البلاد ومستقبلها.
وأوضح نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال (وطني معارض)، أمام المجلس الوطني لحزبه، أنه رغم حدة الظرفية، ورغم الطابع الاستعجالي للإصلاح الذي ينتظرُه المواطنون والفاعلون بترقبٍ كبير، والذي من شأنه أن يعطي إشارات وبشائر التحول نحو المرحلة الجديدة، غرقت الحكومة في الخلافات الاعتيادية لمكونات أغلبيتها، وفي حسابات الربح الانتخابي وصراعات الزعامة واستعراض القوة هنا وهناك، وأكد أن التعديل الحكومي يتسم بأنه بلا هوية سياسية، ولا يرقى إلى أفق الانتظارات المشروعة.
وأضاف: «انتظرنا والمواطنَ أسابيعَ طويلة، لها كلفتُها السياسية، ولها ثقلُها المُعيق لعجلة التغيير المنشود، ثم جاء التعديل الحكومي بعيداً عن “البروباغندا” الإعلامية، في ثوب تعديل تقني لا أقل ولا أكثر، ولا يَرقى صراحة إلى أفق الانتظارات المشروعة التي تَوَلَّدَتْ وتوالدت طيلةَ الأشهر الماضية»، وقال إن الحكومة المعدلة اختارت الاستمرارية وليس القطيعة، باعتراف رئيسها، بحيث أذعنت هي الأخرى لشروط سياسية وحزبية تتنافى ومخرجات العملية الانتخابية، وتعاكس في الجوهر الاختيار الديمقراطي الذي جاء به الدستور، متهماً رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بالمعاندة والمغامرة بالمشروعية الديمقراطية، حيث ادعى أن الحكومة في صيغتها الجديدة ستواصل تطبيق البرنامج الحكومي نفسه الذي يعود إلى سنة 2017، وهو البرنامج الذي فقدَ شرعيتَه ومصداقيتَه بعد أن تجاوزته التطورات السياسية.
وأضاف بركة: «للأسف، ليست هناك رؤية سياسية لهذه الحكومة، ولا استراتيجيات واضحة، وهي حكومة غير قادرة على إبداع الحلول الخلاقة للمشاكل الاجتماعية، أين هو “برنامج ممكن” لخلق مليون و200 ألف منصب شغل، والذي كان من الأجدر تسميته بالبرنامج المستحيل وليس الممكن»، ومعدل النمو الذي تحققه هذه الحكومة لا يتجاوز 3 في المئة، ومحتوى التشغيل في النمو في تراجع مُطرد، ومقاولات القطاع الخاص في إفلاس مستمر وإدماج الشباب في الحياة المهنية والاجتماعية عبر التكوين الملائم والشغل اللائق ما زال مُعطَّلاً وسجيناً لمقاربات تجريبية غير مضمونة، ومُكلفة من حيث الموارد المالية، ومن حيث زمن الإنجاز، ومن حيث رصيد الثقة المتبقي لدى شبابنا في الإصلاح، وفي إمكانية التمتع بغد أفضل هنا داخل حدود الوطن.
وقال بركة إن الحكومة أدرجت بانتقائيةٍ غير مفهومة عدداً من التدابير الضريبية التي تناقضُ الفلسفة والقيم التي كانت محطَ إجماعٍ من قبل مختلف المشاركين والفاعلين في أشغال المناظرة الثالثة للجبايات، من قبيل الأمن القانوني الضريبي، والعدالة الضريبية، والمواطنة الضريبية التي هي واجب أساسي من واجبات المواطنة الكاملة غير القابلة للتجزئة.
ودعا زعيم حزب الاستقلال إلى إعادة فتح ورش الإصلاح السياسي والمؤسساتي وإبرام تعاقد سياسي جديد يخرجنا من حالة الجمود والتردد، مشيراً أنه لا يمكن تصور ديمقراطية دون أحزاب سياسية، وأن من يستهدف الأحزاب اليوم يستهدف مكوناً أساسياً من البناء الديمقراطي بالمغرب.