تعطل محرك سفينة بخارية كبيرة في عرض البحر، كانت تقل عددا كبيرا من المسافرين و البضائع . مرت يومان دون أن تتحرك، برغم مجهودات الطاقم و التقنيين الذين بحثوا عن حل للمشكل، لكن دون جدوى، فاخذ الخوف يتسلل للركاب و ظنوا انها ستكون النهاية ان حدثت عاصفة، و هجم عليهم القراصنة.
و بينما هم في أخذ و رد، تقدم رجل كبير في السن الى قبطان السفينة و قدم نفسه :
– انا المهندس أحمد، خبير بالمحركات العملاقة و عندي خبرة لا تقل على خمسين سنة في هذا المجال، والآن انا متقاعد و أسافر حول العالم. هل أستطيع أن ألقي نظرة على المحرك؟ انا أستطيع إصلاحه.
ضحك القبطان من هذا الطلب و قال له : ميكانيكيو السفينة الأكفاء عجزوا على اصلاحها، و انت تستطيع؟ لنر ذلك.. أصلح المحرك و اطلب ما تشاء كأجر لعملك .
نزل المهندس لغرفة المحركات بالجزء السفلي للسفينة، و بدأ يفحص بتمعن كل قطعة على حِدة و يراقب عدادات الضغط و مؤشرات الوقود حتى وصل الى المحرك الرئيسي، هناك أخذ من حقيبته سماعة تشبع تلك التي يستعمل الطبيب لمعاينة دقات القلب، و أخذ يجس جوانب المحرك، طلب من الميكانكي المسؤول إعادة تشغيل السفينة و هو يستمع جيدا للصوت الذي يصدره محركها رافضا الدوران. تبسم أخيرا، و نزع السماعات من أذنيه، طلب مطرقة كبيرة و صوب على جزء معين من المحرك، ثم دق فوقه ثلاث مرات متتالية، و بعدها طلب أعادة المحاولة .
وسط دهشة الجميع، دار المحرك كالسابق و دارت التوربينات بعده، فتحركت السفينة بسهولة تامة، فرح الجميع و صفقوا طويلا للمهندس الذي انشغل بجمع عدته و ارجاعها لحقيبته.
بعد وصولهم سالمين لوجهتهم المنشودة، تقدم المهندس أحمد لقبطان السفينة بطلب مستحقاته، فهذا ما وعده به. وافق هذا الأخير على الفور و سأله عن المبلغ.
– “خمسة آلاف دولار ” اجاب المهندس بكل هدوء و ثقة.
صُعق القبطان عند سماعه لقيمة المبلغ الخيالية، ولكنه أراد إخفاء شعوره، فطلب فاتورة مفصلة للمهندس بها تبرير عمله، لأنه بكل صراحة يجد أن ثمن ثلاث دقات مُبالغٌ فيه. وافق المهندس و غادر . في الغد أرسل الفاتورة بها:
– البحث ، إيجاد المشكل، و الخبرة : 4999 دولارا
– الضرب بالمطرقة : دولار واحد.
– الثمن الإجمالي : 5000 دولار
رواية متازة ذات معنى و مغزى مهم في سيرورة الحياة