الرباط — صوت البرلمان المغربي، مساء أمس الأربعاء على مشروعي القانون لتحديد الحدود البحرية لأول مرة مع إسبانيا وموريتانيا، بما في ذلك المياه المحاذية للصحراء المغربية، مما يعني تداخلات فيما يتعلق بمياه جزر الكناري.
وقام مجلس النواب المغربي، في جلسة عمومية، ابتدأت على الساعة الخامسة مساءً (بالتوقيت المحلي للرباط) بمناقشة سبعة مشاريع قوانين، بما في ذلك قانوني الحدود البحرية.
وتم التصويت بالإجماع على القانونين المذكورين، بـ165 صوتًا، وذلك بعد حوالي شهر من إعلان لجنة «الشؤون الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج»، بمجلس النواب، بتأييدها بالإجماع لكلا المشروعين.
وبعد التصديق على هاذين القانونين، اللذين يتعارضان مع إسبانيا، التي تعتبر أنه ليس لهما أي صلاحية في القانون الدولي، لا يزال يتطلب تصديق على مجلس المستشارين (الغرفة الثانية)، قبل عرضه على الملك محمد السادس، للتوقيع عليه، وهي قضية سيتم حلها في الأشهر المقبلة.
«من السعيدية إلى الكويرة»
وقال ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون المغربي، في تقديمه للقانونين مثيري الجدل، أن المغرب «تأخر في مجال الترسيم القانوني للحدود البحرية»، بسبب «تأخر في اتفاقيات كانت تؤطر القوانين البحرية للمغرب».
وأضاف رئيس الديبلوماسية المغربية، أن «العمل على هذه القوانين كان من أولويات المغرب»، وأنه «جاهز للإعلان عن سيادته البحرية والتي تمتد من السعيدية إلى الكويرة».
القانونان يمثلان وفق بوريطة «استكمالا لبسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية في أفق تحيين مجالات أخرى».
واعتبر الوزير المغربي أنها «خطوة لملاءمة النظام التشريعي الداخلي مع المنظومة الدولية»، مؤكدا أن ذلك «يمثل أهمية قصوى للمغرب ويجيب عن التحديات الاقتصادية المهمة ويمكنه من ضبط وترسيم الامتدادات البحرية».
ويحدد الترسيم الجديد محيط مياه المغرب الإقليمية، التي تقع على بعد 12 ميلاً (22 كيلومتراً)، في جميع أنحاء الصحراء الغربية، وهي منطقة نزاع منذ أن غادرتها إسبانيا في عام 1975.
وبالإضافة إلى ذلك، يحدد المغرب على بعد 200 ميل (370.4 كيلومترًا) من المنطقة الاقتصادية الخالصة (ZEE) تلتي تضم 350 (648 كيلومترًا) من الجرف القاري الخاص بها.
ويعود تاريخ القانون المغربي الذي يحدد الحدود البحرية إلى عام 1981، ولم يشر إلا إلى الـ200 ميل من المنطقة الاقتصادية الخالصة. والآن، يحدد المعيار الجديد «الحقوق السيادية» على حد أقصى قدره 350 ميلًا، وتشمل هذه الحقوق «قاع البحر وتربة الأرض لاستكشاف واستغلال مواردها الطبيعية المعدنية والحفرية والبيولوجية»، وفقًا للقانون.
وتتداخل المناطق الاقتصادية الخالصة للمغرب وجزر الكناري، وتعتبر الطريقة الوحيدة الممكنة لترسيمها حسب القانون الدولي هي التوصل إلى اتفاق، لكن المنصات القارية لكلاهما تتداخل أيضًا.
وقال بوريطة في هذا السياق، قال بوريطة، أن «القيام بهذا التشريع السيادي لا يعني عدم انفتاح المغرب على النقاش مع إسبانيا وموريتانيا».
نزاع على ثروة معدنية كبيرة
وتصل مطالب المغرب الحدودية إلى جبل تروبيك، وهو أهم موقع لمعدن «التيلوريوم» في العالم، حيث يقع على بعد 250 ميلًا جنوب غرب جزر الكناري.
وهو جزء من مجموعة من الجزر المغمورة بالمياه التي تتألف منها المنطقة البركانية لجزر الكناري في المحيط الأطلسي، وفقًا للاسم المطلق عليها من قبل العلماء، والمعروفة أيضًا باسم «جدات جزر الكناري»، التي تشكلت من خلال نفس العمليات الجيولوجية التي شكلت أرخبيل الجزر.
وفي عام 2009، قدمت حكومة إسبانيا بالفعل طلبًا لتوسيع جرفها القاري للحصول على ملكية الموارد التي يخفيها جبل التروبيك، وهي احتياطيات أساسية لثورة معدنية طبيعية، مهمة في المستقبل بسبب قيمتها في تصنيع الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية.
كنوز التروبيك
ومن بين أشياء أخرى، هناك عشرات الجبال تحت الماء، اكتشف الكثير منها في العقود الأخيرة، في الأميال الإسبانية البالغ عددها 200 ميل.
جبل «التروبيك»، بركان قديم يرتفع من قاع المحيط، على عمق أكثر من 4000 متر، ويصل إلى 1100 متر من السطح.
وهو من الجبال الغنية في تلك المنطقة، وهو الوحيد الذي يتجاوز 200 ميل إسباني؛ إلى 250، على وجه التحديد.
وفي عام 2016، اكتشفت بعثة بريطانية بتعاون إسباني، أن جزءًا كبيرًا من الجبل مغطى بقشور «المنغنيز الحديدي» التي تحتوي على نسبة عالية من المعادن والتي تحظى بتقدير كبير في التكنولوجيا المتقدمة، مثل «التيلوريوم» أو «الكوبالت»، وغيرها.
وقال الفريق البريطاني الذي درس هذه المنطقة، بأنه يمكن أن تحتوي على أكبر احتياطي من «التيلوريوم»، في العالم، بمعدل يبلغ حوالي 2600 طن، أي أي ما يعادل 10 بالمئة من احتياطيات العالم من هذا المعدن، الذي يتقلب سعره في السوق بين 200 و500 دولار للكيلو.
وتقول مصادر أوروبية أن هذا هو السبب في أن بروكسل تدرجه ضمن المواد الخام التي تعتبرها «استراتيجية» رسميًا للاتحاد الأوروبي.
ويضم «التروبيك» ما يكفي من الكوبالت لإنتاج 277 مليون سيارة كهربائية (54 ضعف الأسطول العالمي الحالي لتلك المركبات)، وكذلك «التيلوريوم» الكافي لصنع الألواح الشمسية التي يمكن لها أن تغطي نصف استهلاك الكهرباء في المملكة المتحدة، وهو القوة الاقتصادية السابعة لهذا الكوكب.
هل يمكن استخراجه؟
نعم ولا، ولكن ليس الآن، وهذا الجواب ينطبق على كل القضايا القانونية والتقنية، بحيث لم تقبل الأمم المتحدة بعد العريضة الإسبانية أو المغربية، التي من شأنها أن تعيق أي طلب استغلال، لكن المنطقة ما زالت رسميا تحت يافطة «المياه الدولية»، ويمكن للسلطة الدولية لقاع البحار النظر في منح تصريح.
المعادن البحرية في أعماق المنطقة المثيرة للجدل، كبيرة جدا، وهمة في الصناعة المتطورة، ويوجد منها البعض في المحيط الهادئ.
وفي حالة كون «تروبيك» قابلاً للاستغلال، وهو أمر لم يتبين بعد، ينبغي أيضًا تقييم التأثير البيئي لهذا النشاط. وقد دعت المجموعات العلمية الرائدة – من بينها أعضاء فريق المهمة الذين اكتشفوا «التيلوريوم» – إلى حماية هذا الجبل تحت الماء دولياً.