بقلم الناشطة الادبية ماجدة لعمش
في مشهد تسابقت فيه الدموع قبل التصفيق ، وعلت فيه رمزية وقدسية الإعلام والصحافة الحقيقيين في الأفق في مخاطبة للعقل والوجدان معا.
ووسط أجواء من ارتفاع لمنسوب المعرفة ومشاعر الغبطة والسرور، توج يوم الأحد المؤثر من تاريخ السادس والعشرون من يناير الماضي في حرم المعهد العالي للصحافة والإتصال بمدينة الدار البيضاء مجموع المشاركين والمشاركات بشهادة النجاح في الدورة التكوينية المتعلقة بالتقديم التلفزيوني وإدارة البرامج الحوارية ، وذلك بتنظيم وتحت لواء الإتحاد العربي للتدريب والإنتاج الإعلامي ، وبتأطير من الإعلامي المقتدر الاستاذ نوفل العواملة في الفترة الممتدة من الرابع والعشرين الى السادس والعشرين من الشهر نفسه .
إذ استهل اليوم الأول من الجزء الأول ، افتتاحية التعارف في صفوف المنظمين والمشاركين والمؤطر ، إتضح من خلالها حضور وازن لمشاركين من مختلف ربوع المملكة ، كانت تعبيرا لإرادة واضحة المعالم ورغبة شديدة في ولوج عالم الإعلام والإتصال ، أو كما فضل الإعلام نوفل العواملة تسميتها بمهنة المتاعب ؛ من خلال تساؤلاته للحاضرين المباشرة حول الهدف من المشاركة في الدورة التكوينية كبداية لليوم الاول. ولأن الشغف والحماس كانا سيدا الموقف واللحظة ؛ لم يدرك المشاركون أنهم انتقلوا إلى الجانب النظري بسلاسة اسلوب الاستاذ نوفل إذ وضع عصارة تجربته وأسلوبه القيمين أمام أيدي الطلبة بخصوص العناصر والمكونات الأساسية التي لا محيد عنها في إعداد النشرة الاخبارية ، وكيفية سيرها كمحور أول تخللها تفاعل من كلا الطرفين بين الاستاذ والطالب للوصول إلى أكبر قدر من المعلومة. وحيث أن الجانب النظري لا يكتمل سوى بالجانب التطبيقي إنتقل الطلبة والطالبات المستفيدين من الدورة إلى تجارب الاداء، تم تبادل الأدوار فيه بين المقدم والضيف والمراسل داخل استديو وكاميرا حقيقيين صوتا وصورة.
بتركيز شديد ولغة جسد عبرت الزمان والمكان تكللت بملاحظات غنية من لدن المؤطر الذي لم يتوانى عن الوقوف عند كل جزئية قد تعيق سير نجاح النشرة الإخبارية ؛ من هفوات أو تقصير أو إغفال من شأنه أن ينتقص من المحتوى او يفشل المقدم.
اليوم الأول لم يكن سوى رشفة إنتشاء من كأس المعرفة، لم يكن سوى استكمال لفصول الجانب التطبيقي ليومه الثاني، حيث عرف تقدما ملموسا وواضح في تقديم النشرات الإخبارية من لدن المشاركين شكلا ومضمونا.
وفي القسم الثاني من اليوم الثاني عبر الاستاذ نوفل العواملة بالمشاركين إلى ضفة أخرى وهي المحور الثاني المتعلق بكيفية إعداد البرامج الحوارية وأشكالها. قسم لا يمكن سوى ان نقول عنه أنه كان بمثابة مباراة لكرة القدم حامية الوطيس كان فيها الحكم بخبرته مدبرا ومسيرا لهذا النوع من اللقاءات على أكمل وجه ؛ امتثل فيه اللآعبون لتوجيهات الحكم وقاموا بتدوير المعلومة وسط الميدان وعلى جناحاته بشكل جيد للحصول على أكبرقدرممكن من الأهداف ، حاول فيه كل مشارك أن يصنع فيه التالق والتميز ، بل أكثر من ذلك كسر فيه الحكم دوره التقليدي فأضحى بدوره هو كذلك ضمن غمار المشاركين , ومبدعا في الارتجال كيفما كان موضوع ونوع الحوار داخل خانة الضيف أمام المحاور . نعم وفي غفلة من الجميع تم تجاوز الدقائق الاضافية بعد الدقائق التسعون القانونية ؛ إنه حب الشيئ ومعانقته بكل تجلياته ؛ فرصة أتاحت للجميع أن يلبس عباءات متعددة في قالب مهني فرضه المعلم ضرب في ختامه موعدا ليوم ثالث تمنى الجميع في قرارة نفسه أن يطول .
إن المعلومة رغيف كل متعلم وطالب للعلم ؛ وإن الشباب اليوم يبحث في الإعلام على ما قد يفرح القلب ويغدي العقل والمدارك .
وبطريق أو بأخرى كانت الدورة ترجمة حرفية لطالب العلم.
إذ قد يتبادر إليك عزيزي القارئ لماذا سمي المقال بالاحد المؤثر وجعلتها كمقدمة لتكمل معي المسير الى النهاية حتى يتبين لك سبب التسمية .
والسبب يعود إلى قيام الجهة المنظمة المتمثلة في شخصها حمزة شتيوي هذا الصحفي الدؤوب والحريص على عمله بلا كلل أو ملل بتكريم إنساني له عدة دلالات ؛هذا التكريم الذي لم يكن شيئا أمام قلب الام .
أم تكبدت عناء قدومها ومرافقتها وانتظارها لإبنها من ذويي الاحتياجات الخاصة مدة ثلاثة أيام علما ان كل يوم كان زمنه يتجاوز الخمس الى الست ساعات .
هي إلتفاتة يقابلها أمل أم و أمل جيل قديم
هي إلتفاتة كانت بمثابة صرخة شغف لا بد لها ان ترى النور مهما كانت الظروف لأنها قوة إرادة .
إلتفاتة جعلت كل من في القاعة يذرف للدموع فتناسينا الشهادة والتتويج وسط هذا الكم من المشاعر لانها رؤية أمهات كانوا حاضرين في قلوبنا .
هكذا عشنا ختام الدورة التكوينية على إيقاعات الحماس والشغف والتعلم والتأثر والمشاعر النبيلة , اختتمناها بالتوفيق كل منا مخاطبا الآخر .
ليترك كل مشارك مقعده صوب دياره بذكريات جميلة على أمل اللقاء فرصة أخرى .
وتنطفئ بذلك تلك الأضواء في القاعة ، وكاميرا هناك في الزاوية وثقت إصرار جيل ولحظة زمنية من الازمنة الغير المعتادة ، ورصدت بصمة نأمل منها ان تصنع الشيئ الكثير في عالم الإعلام والإتصال ….