محمود معروف / الرباط
أضافت تصريحات جديدة لوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، حول صفقة القرن، انتقادات جديدة للموقف الرسمي المغربي واعتبرتها هيئات سياسية حقوقية وسياسية مغربية تصريحات مخجلة وتعكس تبعية لإملاءات خارجية، وأكدت دعمها الكامل للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة التي سيعبر عنها المغاربة يوم الأحد المقبل بالمسيرة الوطنية في الرباط.
وبعد اعتذاره عن مواجهة تساؤلات البرلمانيين حول موقف المغرب، اضطر بوريطة للتحدث عن هذا الموقف في جلسة خاصة بترسيم الحدود البحرية، وقال إن «مواقف المغرب بخصوص خطة السلام الأمريكية يجب أن تكون عقلانية وليس عن طريق المزايدات الفارغة كما فعلت بعض الدول»، وإن تقدير بلاده «لجهود السلام التي تبذلها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاء بعد ملاحظتها أن واشنطن لأول مرة تتحدث عن حل الدولتين»، وأن «الفلسطينيين من لهم الحق في قبول الصفقة أو رفضها» و«لا يجب أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم». رافضاً اعتبار القضية الفلسطينية قضية وطنية مغربية، وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية شكرت المغرب على موقفها من الصفقة الأمريكية، «ينبغي أن نثق في دبلوماسية بلادنا، ومن الصعب أن يقول الفلسطيني شكراً والمغربي غير راض».
وقال الوزير المغربي إن القضية الوطنية للدبلوماسية المغربية هي قضية الصحراء، وذلك تزامناً مع تسريبات حول تطبيع مغربي إسرائيلي مقابل اعتراف إسرائيلي بمغربية الصحراء وفتح الولايات المتحدة قنصلية عامة في مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء، رافضاً الرد على هذه التسريبات كما تضمنت الجهات المغربية المعنية تسريبات حول شراء المغرب لطائرات من دون طيار من إسرائيل؛ وهو ما استهجنه فاعلون حقوقيون ونشطاء بالفضاء الرقمي خبر التعامل العسكري والتجاري للمغرب مع الكيان الصهيوني، في حين لم تكذب أية جهة رسمية هذا الخبر الذي تزامن مع تقديم مقترح صفقة القرن من قبل الإدارة الأمريكية.
واعتبر حقوقيون أن سكوت الحكومة المغربية أمام هذا الخبر، يعزز فرضية حصول المغرب على صفة زبون لدى سوق السلاح الإسرائيلي، ويفند ما ادعاه وزراؤها من انعدام لأي نوع من التطبيع الاقتصادي والعسكري مع الكيان الصهيوني.
وطالب مستشارون برلمانيون من الحكومة بتوضيح حقيقة الاختراقات الإسرائيلية للمملكة المغربية؛ وذلك على ضوء تقدير وزارة الخارجية لجهود السلام التي تبذلها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطة السلام «صفقة القرن»، وتقدمت مجموعة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، أول أمس الثلاثاء، بسؤال برلماني لوزير الخارجية حول «تحصين المغرب من الاختراقات الإسرائيلية»، واعتذر بوريطة عن الحضور للجلسة البرلمانية في وقت كان متواجداً لمناقشة مشروع قانون تعيين الحدود البحرية.وقال رئيس الجلسة، عبد الإله الحلوطي، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي في الحكومة)، إن هذا السؤال كانت ستجيب عنه نزهة الوافي، الوزيرة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج، لكن تعذر عليها ذلك لتواجدها في مهمة رسمية خارج المغرب، لكن المستشار البرلماني، عبد الحق حيسان، عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، تشبث بطرح السؤال، وقال إن وزير الخارجية، ناصر بوريطة، هو من اعتذر عن تقديم جواب في الموضوع وليست الوزيرة الوافي، كما هو موثق في مراسلة برلمانية.
وأضاف حيسان أن «تغيب الوزير بوريطة عن الجواب عن سؤال التطبيع يأتي رغم تواجده اليوم بمجلس المستشارين في إطار المصادقة على قوانين ترسيم الحدود البحرية للمملكة المغربية». وقال إن الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية بخصوص «صفقة القرن» هو تصريح «خطير يتطلب توضيحاً منه، وهل يتعلق بموقفه الشخصي أم بموقف الحكومة المغربية».
وباتت مقاربة وزير الخارجية المغربي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحرج الحكومة وحزبها بعد أن أعلن رئيسها تمسك المغرب بالسلام الشامل والعادل للقضية الفلسطينية والذي يقوم على قيام دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة 1976 وعاصمتها القدس الشريف. كما هاجم برلمانيو العدالة والتنمية، الوزير ناصر بوريطة، وطالب المستشار البرلماني عبد الإله الحلوطي وزير الخارجية بتوضيح حقيقة «المقايضة الإسرائيلية الأمريكية لمغربية الصحراء».
وعبرت فيدرالية اليسار الديمقراطي عن استيائها من موقف الدولة المغربية الرسمي من «صفقة القرن»، واصفة إياه بـ»المخجل» الذي «يعكس تبعية بلادنا وخضوعها للإملاءات الخارجية في تناقض مع مشاعر وتوجهات الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي»، داعيةً لمراجعة هذا الموقف. الفيدرالية المكونة من 3 أحزاب يسارية ممثلة في البرلمان وفي بيان صادر عن اجتماع هيئتها التقريرية في دورتها السادسة، دورة الراحل (أحمد بنجلون) تحت شعار «كل الدعم للشعب الفلسطيني لتحرير وطنه وإسقاط صفقة القرن»، دعت الدولة المغربية لمراجعة موقفها، مؤكدة أن موقف الفيدرالية من دعم الشعب الفلسطيني ثابت حتى الحصول على كامل حقوقه المشروعة في الاستقلال الوطني وعودة اللاجئين وبناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
وعبرت الفيدرالية عن رفضها المطلق وإدانتها الشديدة لصفقة القرن، وقالت إن صفقة القرن تتضمن بنوداً خطيرة تستهدف الإجهاز النهائي على القضية الفلسطينية، وتأمين مستقبل الكيان الصهيوني على حساب مصالح الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، داعية كل مكونات الشعب المغربي للاحتجاج على هذه الصفقة المؤامرة بكل الأشكال النضالية المتاحة.
وأثار اعتبار وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن «القضية الأولى للدبلوماسية المغربية هي قضية الصحراء المغربية» وليس القضية الفلسطينية حفيظة بعض المغاربة، من بينهم سفير المغرب في التشيلي سابقاً، عبد القادر الشاوي.
الشاوي الذي يشغل حالياً مهمة عضو بـ«الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري»، المعروفة اختصاراً بـ»الهاكا»، خاطب بوريطة عبر تغريدة له على «تويتر»، قائلاً: «نعم، يجب أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين، لأن إسرائيل دولة محتلة توسعية، والأيديولوجية الصهيونية عنصرية إرهابية». وأردف الشاوي في ذات التغريدة بلغة حادة: «الخارجية المغربية فيها اللؤم والجهل والفراغ والتخلف واللاجدوى والإدقاع السياسي».