لم يكن المغرب بمنأى عن التداعيات السلبية لفيروس «كورونا»، في ظل التنامي المستمر لتأثيرات انتشار الفيروس على اقتصادات دول العالم. وتسارع الحكومة المغربية والبنك المركزي المغربي، لاتخاذ عدة تدابير وإجراءات احترازية، بهدف احتواء التداعيات السلبية للجائحة، ومواجهة الكساد المتوقع.
ففي 19 مارس الجاري، أعلن المغرب حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد، حتى أجل غير مسمى، في إطار الإجراءات المتخذة لمنع انتشار «كورونا»، بعد أن اتخذ في وقت سابق قرارا بتعليق جميع الرحلات الجوية.
ومنذ بداية تسجيل حالات مصابة بالفيروس في الثاني من الشهر الحالي، سارع «الاتحاد العام لمقاولات المغرب»، وهو أكبر تجمع للشركات في البلاد ويُعرف باسم «الباطرونا»، إلى اقتراح مجموعة من الإجراءات للتخفيف من التأثير السلبي لانتشار الفيروس على الاقتصاد المحلي. واقترح بدايةً تعليق آجال جباية الضرائب، المقررة في نهاية الشهر الحالي. وطالب في رسالة وجهها إلى الحكومة المغربية بـ»توقيف اقتطاع استحقاقات البنوك، بالنسبة للمقاولات (الشركات) والأفراد المتضررين، خاصة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة».
كما طالب بـ»وضع نظام للتعويض على فقدان العمل بالنسبة للعمال ذوي الأجور المتدنية، وإنشاء صندوق لدعم القطاعات المتضررة، وإعلان فيروس كورونا، كحالة قوة قاهرة، فيما يخص الصفقات العمومية».
وفي 17 مارس الجاري، صدر في الجريدة الرسمية قرار حكومي بإحداث صندوق مالي بمبلغ مليار دولار، لـ»التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية». وسيدعم الصندوق أيضا «الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير التي ستقترحها الحكومة، لا سيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرا، بفعل انتشار فيروس كورونا كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة». وحتى 23 مارس الجاري، بلغت الموارد التي تم ضخها للصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس «كورونا» حوالي 23.5 مليار درهم (2.39 مليار دولار)، حسب وكالة المغرب الرسمية. وكان البنك المركزي المغربي قد أقر في اجتماع مجلسه الأول خلال هذا العام «تخفيض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 25 نقطة أساس، إلى 2 في المئة بدل 2.25 في المئة، بسبب تبعات كورونا والأوضاع المناخية».
وقال البنك المركزي المغربي، في بيان عقب الاجتماع، أن «النقاش تركز بالخصوص على تأثيرات كل من الأوضاع المناخية غير الملائمة التي يشھدھا المغرب، وانتشار داء كوفيد-19 على الصعيد العالمي».
كما أعلنت الحكومة المغربية إنشاء «لجنة اليقظة الاقتصادية» لمواجهة انعكاسات وباء الفيروس على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة. ويقوم بتنسيق عمل اللجنة وزير المالية محمد بنشعبون، وممثلون من 7 وزارات وممثل عن البنك المركزي، و4 منظمات مهنية متعلقة بالبنوك والمقاولات والصناعة والتجارة. وبعد أقل من أسبوعين على تسجيل أول إصابة بكورونا في البلاد، عقد الاجتماع الأول للجنة الحكوميةلتقييم وضعية الاقتصاد الوطني ودراسة الإجراءات ذات الأولوية. وتشمل الإجراءات المتعلقة بالضريبة، والتي أقرتها السلطات المغربية «استفادة الشركات التي تقل معاملاتها للسنة المالية الماضية، عن 20 مليون درهم (2.04 مليون دولار)، من تأجيل وضع التصريحات الضريبية (وثائق تبين أداء الضريبة) حتى نهاية يونيو المقبل». وتقرر أيضا، «تعليق المراقبة الضريبية، للشركات الصغرى والمتوسطة، حتى 30 يونيو 2020».
وعلى إثر التطورات الاقتصادية الناجمة تفشي الفيروس، توقع البنك المركزي المغربي أن تستقر نسبة النمو عند 2.3 في المئة. لكنه قال «إن توقعات نسبة نمو الاقتصاد المحلي، تبقى محاطة بقدر كبير من الشكوك، وقابلة للتخفيض، إذا لم يتم احتواء تفشي داء كوفيد 19 على المستوى الدولي في أقرب الآجال».