الصحافية لطيفة بنحليمة: “شنو هي الحلول لي موجدين السيد رئيس الحكومة؟
جواب العثماني: حتى واحد ماعندو الحلول..!
لطيفة بنحليمة تعيد طرح السؤال من جديد: “شنو تقييمكم للخسائر السيد رئيس الحكومة؟
جواب السيد العثماني: “يكذب عليك الكاذب لي يقوليك عندو شي تقييم..!”
لطيفة بنحليمة تعيد السؤال من جديد وبلسان العبد الملحاح: “شنو خطة الإقلاع الاقتصادي لي عندكم السيد رئيس الحكومة؟”
جواب السيد العثماني: ” حتى واحد في العالم ماعندو شي خطة أو تصور!!!.” .لقد أتعبها السيد العثماني وأتعبنا معها، ولم ينطق ببنت شفة ولم يشأ أن يكشف لنا عن شيء. إن المتأمل لهذا الحوار التلفزي الذي أتحفنا به رئيس الحكومة، يظهر شيئا واحدا، هو أن الرجل مغرم بالمثل المغربي القائل : “سبق الميم ترتاااح!!!”، وفعلا صدق من قال هذا الكلام، لأنه أعفا رئيس حكومتنا الموقرة، من التفكير، والابتكار والابداع، لا بل أعفاه حتى من مجر العناء ليفصح عن تصور واضح لأزمة عالمية تسبب فيها مرض كوفيد 19، والتي استنفرت دولا وحكومات جعلت همهم كله منصبا حول امتلاك من سيمتلك خطة لهزم كورونا وتداعياتها.
ما عسانا نحن فاعلون، وأرقام كورونا تقفز بنا إلى عليين، هل نستسلم للقدر الذي وضعنا فيه السيد العثماني، كاستسلام المريد لشيخه، والميت لمن يغسله؟ فالرجل وضعنا في قدر الخاضعين والخانعين، فما نحن يا ترانا فاعلون!!!؟،.
ما يثلج صدرنا الحمد لله، أن الدولة المغربية لن تستسلم فهي قوية برئيسها، وإن كان رئيس حكومتها فشل في امتلاك تصور للحد من كورونا وتداعياتها، فإن ملك البلاد رجل قوي، بادر لإنقاذ سفينة الوطن، وعبأ كل الإمكانيات واستنفر المغاربة جميعا في ملحمة من التماسك والتضامن.
انتظر ملايين المغاربة الخروج الإعلامي للعثماني بشوق كبير، لكن ظنهم خاب، حين صدمهم العثماني، وقال : “في الحقيقة لا نملك تصورا”، إننا إلى الآن عاجزون عن فهم ما يجري، لحكومة الهشاشة الأغلبية، ومندهشون من قراراتها البئيسة، لكننا على يقين من شيء واحد، هو أن مقدرات المغرب، معرضة للمزيد من هدر الزمن السياسي، فحكومتنا لا تملك”تصورا” ولا “خطة” ولا “استراتيجية”!!.
لكن دعونا نفكر قليلا بعيدا عن هذا القدر السيء الذكر، الذي حشرنا فيه السيد العثماني، حين نفا إعداد حكومته لتصور حول رفع الحجر الصحي بحلول 20 ماي تاريخ نهاية حالة الطوارئ الصحية، فالرجل فقط هو ينتظر مستجدات الحالة الوبائية بالمملكة، لتحديد التصور. لقد وجدنا أمما ودولا اختارت لنفسها خطا آخر، وقدرا للخير، فراحت تخطط للمستقبل، وتستشرفه بأمل المتفائلين وليس بيأس الخانعين، تمكنوا من وضع خطة انقاذ تنوعت وسائلها وأهدافها، مقترحين سبلا للخلاص، في مواجهة قدر كورونا.
تعالوا بنا نتعرف على بعضها، ونقدم للسيد رئيس الحكومة، نموذجا منها لعله يتذكر أو يلقي السمع وهو شهيد.
لنبدأ من حليفنا الاستراتيجي، فرنسا، التي وضع خبراءها خطة إعادة إطلاق الاقتصاد بالتزامن مع الرفع التدريجي للحجر الصحي، وتصور ينقسم إلى محورين، على المستوى الأوروبي، ففرنسا تقود مجموعة من البلدان التي تطالب بإصدار سندات إنعاش من أجل تمويل صندوق مشترك لتحريك عجلة الاقتصاد، من خلال مشاريع للصالح العام كالمستشفيات ومكافحة التغير المناخي.
أما على المستوى المحلي، فهي وفقا لهذا التصور، تسعى إلى جانب دول أخرى، لتشجيع الناس على زيادة الطلب على الإنفاق من المدخرات التي احتفظ بها الناس أثناء الأزمة، ويمكن تشجيع الاستهلاك من خلال خفض الضريبة على الاستهلاك بشكل مؤقت، أو تقديم منح تشجيعية للسيارات الصديقة للبيئة، ومنح أخرى لتشجيع الناس على السياحة وقضاء العطل والذهاب للمطاعم. ومما أبدعه العقل الفرنسي أيضا وهو يواجه تداعيات هذه الجائحة، هو قرار توزيع الأرباح، لأنه سيكون هناك عدد قليل جدا من الشركات التي ستحقق أرباحا في 2020، ولكن يوجد العديد منها التي حققت أرباحا في العام الماضي، وبالتالي فهي يمكن أن تقوم بعملية توزيع أرباح على مالكي الأسهم. وقد أصدرت وزارة المالية الفرنسية تعليمات تطالب الشركات بالتوقف عن توزيع الأرباح على المساهمين، حفاظا على السيولة لمواجهة هذه الأزمة، وهددتها بحرمانها من أي مساعدات أو ضمانات في حال قيامها بذلك، مثل صرف مساعدات للموظفين المحالين على البطالة الجزئية.
ومن أجل دعم الشركات وإعادة إنعاش الاقتصاد، ترى عقول فرنسا التي أعطت تصورا استشرافيا، ضرورة زيادة ساعات العمل للرفع من الإنتاج، إذ إن التجار والحرفيين والحلاقين والأطباء وجميع العمال والموظفين يحتاجون لتدارك الوقت الذي خسروه في فترة الحجر الصحي. وفي بعض الشركات الكبرى في فرنسا مثل تحالف بيجو ستروين لتصنيع السيارات، وافق العمال على الاكتفاء بأسبوعين فقط من الإجازة السنوية في هذا الصيف، من أجل رفع الإنتاجية في غشت المقبل.
سنعرج في هذه الأثناء، على السعودية، البلد العربي والاسلامي مثلنا، فقد عمد وزير الاقتصاد، إلى وضع
خطة الحكومة لإعادة فتح الاقتصاد والأنشطة الاقتصادية، دون تعيين موعد محدد، وفق عدد من الاعتبارات عند التخطيط لمرحلة ما بعد أزمة كورونا واضعة السعودية قطاع الصحة أولوية، إذ تعد الهدف الاستراتيجي الأول للدولة، كم ستعمل وفق آلية التدرج التي تضمن الحذر والمراقبة المستمرة مع سرعة الاستجابة في اتخاذ القرارات، ولو أن مرحلة العودة للنشاط الاقتصادي والتجاري ستكون جزئية مع بقاء كافة الأعمال التي يمكن الاستمرار بها من المنزل.
ووضع هذا البلد الإسلامي، جملة من الاعتبارات، داخل خطة إعادة فتح الاقتصاد، منها مثلا إعطاء الأولوية للأنشطة الضرورية اللازمة لتوفير السلع والخدمات الأساسية، بالإضافة لقيام المنشآت التي ستعود للنشاط تدريجيا باتخاذ كافة الاحتياطات والإجراءات الوقائية، وأخيرا متابعة التجارة الدولية في التعامل مع المرحلة الحالية مع التنسيق المستمر في مجموعة العشرين.
الحكومة ستعلن عن إجراءات إضافية لدعم الاقتصاد قبل نهاية يونيو في حين تعكف حاليا على مزيد من الجهود لتوجيه الإنفاق الحكومي للنفقات بحيث يكون التوجيه للجهات الأكثر تضررا لصالح المواطن وتوظيف الكوادر الوطنية، مشيرا إلى أن الترشيد سيطال النفقات الأقل تأثيرا كالانتدابات والسفر والفعاليات.
بلد عربي آخر، كالأردن، لم يبقى مكتوف الأيدي ويندب حظه السيء، بل بادر مجلس نوابه بوضع خطة تحفيز ودعم للاقتصاد لمرحلة ما بعد كورونا تستند إلى مجموعة من المحاور ذات الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، من أهمها تعزيز قدرة القطاع الخاص تتضم رزنامة من المقترحات منها،
- العمل على قيام البنوك وبشكل فوري بتأجيل وجدولة وهيكلة كافة التسهيلات القائمة في البنوك الأردنية والممنوحة للشركات والافراد للراغبين دون استثناء
- تخفيض الفوائد المدينة على التسهيلات، وقيام البنوك وبأثر رجعي بتخفيض الفوائد المدينة على التسهيلات الممنوحة للشركات والافراد بواقع 1.5 بالمائة ومن تاريخ قيام البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة مؤخرا وبغض النظر عن الآلية القائمة في التسعير لديهم.
- إعادة تنظيم المحصول الإنتاجي والأنماط الزراعية، بما يتوافق مع النقص المحتمل من مصادر الاستيراد التقليدي، وإنشاء مراكز التخزين والتوضيب للمنتجات الزراعية بهدف توفير منتجات بسعر معقول في أوقات مختلفة.
- تطوير أساليب التصنيع الزراعي، وتحويل المنتجات الزراعية إلى منتجات مصنعة، واستحداث سلاسل قيمة متكاملة تهدف إلى زيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية الوطنية، والمحافظة على المناطق الأكثر إنتاجية من الناحية الكمية والنوعية من السلع الزراعية و المنتجات الحيوانية، والغذائية التصنيعية على مدار العام.
- العودة التدريجية للنشاط الاقتصادي عبر مقترحين هما، العودة التدريجية والسلسة لممارسة النشاط الاقتصادي في المملكة؛ من خلال دعوة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لإدارة الصحة والسلامة المهنية وبالتعاون مع وزارة الصحة بوضع دليل إرشادي متكامل لكيفية تجهيز بيئة الأعمال لمختلف القطاعات، للعودة التدريجية للنشاط الاقتصادي في المناطق التي يثبت خلوها من الوباء في المملكة، والعمل على وضع جدول زمني يتماشى مع إجراءات الحكومة في الحد من الاكتظاظ واختلاط الأشخاص وبما يلا يتعارض مع سياسات المملكة التي تسعى اإلى القضاء على الوباء في المملكة.
لننظر إلى ما يجري في تركيا البلد المفضل للحزب الأغلبي، في هذا البلد وضع مسؤولوه خطة اقتصادية
في مواجهة الوباء، وقبلها كانت الحكومة التركية قد أعلنت عن خطة درع الاستقرار الاقتصادي التي تتضمن حزمة تدابير اقتصادية لمواجهة فيروس كورونا، وخصصت لها مئة مليار ليرة تركية (15.5 مليار دولار).
وتتضمن حزمة درع الاستقرار الاقتصادي التركي البنود الآتية: - تأجيل تسديد أقساط مؤسسة الضمان الاجتماعي المستحقة خلال ثلاثة أشهر لمدة ستة أشهر.
- تخفيض قيمة الضريبة المضافة خلال رحلات الطيران الداخلي من 18% إلى 1%، لمدة ثلاثة أشهر.
- إطالة فترة تسديد قروض المصانع المتضررة من كورونا ودفعات الفائدة للبنوك نحو ثلاثة أشهر.
- تقديم دعم للمصدرين في هذه المرحلة التي تعاني من تراجع مؤقت للصادرات.
- فيما يخص شراء المنازل التي قيمتها أقل من خمس مائة ألف ليرة، تخفيض الدفعة الأولى إلى 10%، وزيادة نسبة المبلغ القابل للتقسيط من 80% إلى 90%.
- زيادة الرواتب التقاعدية الأدنى لتصبح 1500 ليرة، كما سيتم تقديم منحة العيد للمتقاعدين.
- تخصيص ملياري ليرة إضافية لوزارة الأسرة والعمل، لتقديم مساعدات مالية للعائلات المحتاجة.
- تفعيل برنامج الخدمات الاجتماعية والطبية في المنازل للمسنين ممن تتجاوز أعمارهم ثمانين عاما.
في بيان صادر عنه، اعتبر ثروت ترزيلار، عضو هيئة مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، الحزمة الاقتصادية الجديدة، بمثابة متنفس للاقتصاد التركي والشركات الصغيرة والمتوسطة. هذه خطط غيض من فيض، أحببنا أن نشاركها مع السيد رئيس الحكومة، لعله يأتينا بالخبر اليقين، في القادم من الأيام، وإن كنا غير متفائلين، بسبب الكم الهائل من الشحنات السلبية التي بثها في قلوبنا، لولا الامل في الله وفي ملكنا حفظه الله، الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة، ونحن عزاءنا في الله كبير من حكومة العجز والكسل. إن لنا كلمات نهمس بها في أذن السيد العثماني، لنقول: إن العالم بأسره يستنفر قدراته موارده البشرية، والذاتية، والاقتصادية، يبدع مسؤولوه كل يوم في سن إجراءات ووضع التصورات، إن دول العالم، مهووسة اليوم، وشغلها الشاغل، هو وضع خطة إنقاذ مستقبلية، لقد كان عليك السيد رئيس الحكومة، أن تفضل الصمت، على أن تخرج للإعلام خاوي الوفاض، تدعي غياب تصور لأزمة الجائحة، وعقول العالم من حولك، تبدع الأفكار والتصورات والخطط، نتمنى أن يمن الله علينا بأحسن حكومة فما نراه ونسمعه من رئيس حكومتنا لا يبشر بخير.
عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط، رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية