هبة محمد / دمشق
تظاهر الآلاف من المعارضين السوريين، شمال غربي البلاد، خلال أيام عيد الفطر، للمطالبة بالعودة الآمنة الى بيوتهم في القرى والمدن التي هجرهم منها النظامان السوري والروسي نتيجة العمليات العسكرية التي شنها الطرفان ضد الشعب السوري طيلة الشهور الماضية.
ولليوم الثاني على التوالي، وتحت شعار «طوفان العودة» خرج السوريون من أهالي المنطقة والمهجرين إليها في مظاهرات جالت المنطقة الواصلة بين مدينتي إدلب وسرمين في ريف إدلب الشرقي، وتوجهت إلى نقاط التماس مع النظام السوري بالقرب من الطريق الدولي على محور مدينة سراقب، مطالبين المجتمع الدولي والفاعليين الدوليين بالعمل على إعادتهم. ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها «العودة حقي وقراري» و»سقوط عصابات الأسد يعني استقرار العالم» و»لا بديل عن العودة» كما تضمنت اللافتات شعارات «روسيا ليست ضامنًا نزيهًا لشعبنا، بل قاتلة ومحتلة»، و»عائدون من دون حكم الأسد» حيث جاءت التظاهرات بعد دعوات أطلقها ناشطو المنطقة، خلال أيام عيد الفطر.
أكار لجعل وقف النار «دائماً»… وعودة أكثر من 200 ألف نازح
المرصد السوري لحقوق الإنسان، وثق خروج مظاهرة حاشدة على اوتستراد سراقب – سرمين في ريف إدلب الشرقي، تظاهر فيها الآلاف من أهالي والسكان، مطالبين بانسحاب قوات النظام من المناطق التي سيطرت عليها خلال العملية العسكرية الأخيرة، وعودة المهجرين من تلك المناطق إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم، رافعين شعارات تطالب بالحرية والعدالة وإسقاط النظام. ووفقاً للمرصد، فإن المظاهرة انقسمت إلى قسمين، القسم الأول توجه إلى المنطقة الواقعة بين سرمين ومدينة إدلب، بينما اتجه القسم الآخر إلى النقطة التركية الواقعة بالقرب من مدينة سراقب شرق إدلب، كما رفع الاهالي راية الثورة السورية.
عودة أكثر من 200 ألف
ويحل عيد الفطر هذا العام، وفق مراقبين للشأن السوري، الأصعب من الناحية الإنسانية والمعيشية، لوجود أكثر من مليون نازح سوري من أرياف دمشق، وحماة وحلب، حيث يتوزع معظمهم على المخيمات قرب الحدود السورية- التركية، وسط ظروف معيشية هي الأسوأ وفق المنظمات العالمية.
وتتواصل عملية عودة النازحين والمهجرين بفعل العمليات العسكرية، إلى مناطقهم في إدلب وريف حلب الغربي، ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن تعداد المهجرين الذين عادوا إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم، بلغ نحو 255 ألف شخص، وذلك خلال 80 يوماً منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الخامس من آذار/مارس الفائت. وكانت عمليات قوات النظام وروسيا العسكرية قد هجرتهم من منازلهم ومناطقهم، فيما كان قسم من العائدين يفترشون العراء قرب الحدود السورية – التركية، وقسم آخر ضمن مخيمات بدائية في ريفي إدلب الشمالي وحلب الغربي، ومنهم من كان ضمن مناطق نفوذ القوات التركية وفصائل المعارضة شمال وشمال غربي حلب.
عملية عودة المهجرين، تأتي في ظل الأوضاع المعيشية الكارثية التي تشهدها مناطق سيطرة الفصائل وتحرير الشام، حالها كحال جميع المناطق السورية الأخرى، من ارتفاع جنوبي بأسعار السلع، وشح كبير في فرص العمل، وسط مساعدات خجولة من قبل المنظمات الإنسانية المعنية بأوضاع النازحين والمهجرين، والتي تذهب غالباً للمسؤولين عن توزيعها.
موسكو – قسد
من جانب آخر، نقلت قناة روسيا اليوم، عن مصدر عسكري روسي، قوله: إن الجيش الروسي يعتزم فتح الطريق الدولي- إم 4 الرابط بين شمال شرقي سوريا والساحل السوري يوم الإثنين المقبل، وأضاف المسؤول الروسي، أن موسكو ستبدأ تسيير دوريات عسكرية على الطريق خلال أيام الأسبوع، ما عدا يوم الجمعة، وذلك منعا لما وصفها بـ «الاستفزازات العسكرية».
في حين أن الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، أشارت إلى أن مشاورات طويلة عقدتها مع الجانب الروسي، انتهت بالاتفاق بين الجانبين على فتح الطريق الدولي إم 4، الذي تسيطر المعارضة السورية المسلحة على مسافة 80 كيلومتراً منه، وذلك بعد العملية العسكرية التركية الأخيرة «درع الربيع» التي نفذها الجيشين التركي والوطني السوري ضد النظام السوري، كما أشارت مصادر «قسد» إلى تعهدات روسية بحماية المارة حتى الوصول إلى ريف الرقة الشمالي.
وعلى الحدود التركية- السورية، زار وزير الدفاع التركي «خلوصي أكار» برفقة قيادات من الجيش الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود، في اطار جولة تفقدية أمس. ووفق «الأناضول»، فقد رافق أكار في جولته رئيس الأركان التركية يشار غولر وقادة القوات البرية أوميد دوندار، والجوية حسن كوتشوك أكيوز، والبحرية عدنان أوزبال.
أكار، أكد استمرار الجهود التركية الساعية لجعل وقف إطلاق النار في محافظة إدلب «دائماً»، أما على الصعيد السياسي، فقد قال المتحدث باسم الرئاسة التركية «إبراهيم قالن»: محادثات أستانة بين تركيا وروسيا وإيران، خففت من حدة العنف على الأرض في سوريا، لافتاً إلى أهمية تحقيقها قبل انتشار وباء كورونا عالمياً. المتحدث باسم الرئاسة التركية، أعلن كذلك عن وجود خلافات بين أصدقاء مسار أستانة «روسيا وإيران»، بما يخص رأس النظام السوري، حيث قال «قالن»: «نعتقد أنّنا لا نراه (بشار الأسد) زعيماً»، حيث شدد المسؤول التركي على ضرورة إجراء انتخابات قانونية ونزيهة في سوريا، مؤكدًا أهمية أعمال لجنة صياغة الدستور.
وتابع: «وعلاوة على ذلك بعض الدول يبحثون عن سبل إبقاء قواعدهم العسكرية في سوريا، وآخرون بالسيطرة على أبار النفط، هذه الحسابات الصغيرة، تزيد من صعوبة إيجاد مستدام للاشتباكات في سوريا».
وفي 5 مارس/ آذار الماضي، أعلن الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، توصلهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب، إلا أن الاتفاق الأخير وقبله من الاتفاق والتوافقات، لم تقف سداً منيعاً أمام النظام السوري الذي يواصل خروقاته ضد مدن وبلدات الشمال السوري بشكل متكرر، وفي مايو/ أيار 2017، كانت قد أعلنت كل من تركيا وروسيا وإيران توصلها إلى اتفاق «منطقة خفض التصعيد» في إدلب في إطار اجتماعات أستانة المتعلقة بالشأن السوري. وأدت الهجمات المتكررة للنظام السوري إلى مقتل أكثر من 1800 مدني، ونزوح أكثر من مليون و942 ألف آخرين، إلى مناطق هادئة نسبيا أو قريبة من الحدود التركية، منذ كانون الثاني/ يناير 2019.
الجهاديون يرفضون التفاهمات
وأعلن تنظيم «حراس الدين» المرتبط بتنظيم القاعدة عن رفضه لما سماها «التفاهمات الدولية بخصوص سوريا»، وحذر التنظيم المنتشر في الشمال السوري من الخضوع لتلك التفاهمات، الحدث الذي رأى فيه بعض الخبراء، رسالة ضمنية من التنظيم إلى هيئة تحرير الشام التي يتزعمها «أبو محمد الجولاني».
وقال القيادي في التنظيم «سامي العريدي»، عبر تسجيل مصور حمل عنوان «مكمن الداء» نُشر امس، ان «التعامل مع الكافرين في السلم والحرب والسلب والإيجاب، لا بد من ضبطه بضوابط الشرع والطاعة المطلقة لله، ومراقبة ذلك من أهل العلم وأصحاب التقوى والخبرة والدراية في سبل المجرمين، حتى لا يقع العبادة في الركون إلى الأعداء أو طاعة الكافرين». وأضاف وفق ما نقلته وسائل إعلام سورية معارضة، «حال الجماعة الجهادية التي تطرق باب الركون إلى وعود الطواغيت أو التفاهمات الدولية، كحال الجماعة الدعوية التي تسلك سبل الديمقراطية، لتحكيم شرع رب البرية، فكلاهما يسير في سراب، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً».