ياحسرة على الحزب الأغلبي الذي يدعي “تشريف المرأة وتكريمها”، وهيهات..هيهات بين القول والفعل، إن الممارسة القرشية في وأد البنات قديما لمجرد “جنسهن خوفا من العار”، هي ممارسة بائدة حاربها الإسلام، وقال القرآن إنها ممارسة سيكون أصحابها يوم القيامة محاسبون أمام الله ف”إذا الموؤودة سألت بأي ذنب قتلت”، كما أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم نهى أيضا عن اقترافها، لأنها أصبحت محرمة شرعا، فرسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، قال لنا “رفقا بالقواورير، واستوصوا بالنساء خيرا”.
ففي موقف لا يشرف لا السياسة ولا السياسيين ولا المرجعية الإسلاموية للحزب الأغلبي، تعرضت المناضلة التجمعية، جليلة مرسلي، عضوة المكتب السياسي، ل” إهانة حقيرة” من أحد مسؤولي أتباع الحزب الأغلبي، أظهر من خلالها استفزاز سياسويا مقيتا لا يمكن أن نقبل به لأن القيادية مرسلي مرأة مغرببة شرفت حزبها ووطنها وملكها وهي من خيرة الأطر النسائية التي نفخر بها ولاشك.
لقد كشفت في تدوينة لها على صفحتها الرسمية بالفايس بوك، أنها ” تعرضت لموقف مهين و مخزي بطله مدير مديرية الارتقاء بالتعليم الخصوصي و التعاون بوزارة التربية الوطنية، حيث شاركت في اجتماع لتباحث الدخول المدرسي المقبل و كانت المرأة الوحيدة في الاجتماع الى جانب زملائها الرجال. وحين طلبت الكلمة فاجأها السيد المدير بأنه يرفض منحها الكلمة و لما أصرت على انتزاع حقها الطبيعي في إبداء وجهة نظرها، أجابها بأسلوب غير لائق و يحمل الكثير من العنف الرمزي و الاهانة لشخصيتها كامرأة، مدعيا بأن ليس من حقها الكلام.
موضحة في ذات التدوينة، ” أن المسؤول البيجدي، لم يستطع أن يخفي اختلافه السياسي مع الهيئة التي تنتمي إليها مرسلي.
وكشفت ايضا، ان المدير المذكور الذي ينتمي إلى العدالة و التنمية لم يتمالك نفسه لما جاءته الفرصة، لكي يعنف امرأة تنتمي إلى حزب التجمع الوطني الأحرار.
وقبل أن نكشف بدورنا خلفيات وأسرار هذا الاعتداء الشنيع على مرسلي، نود أن نذكر هذا المسؤول المنتمي لحزب ” إسلامي”، بالحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يكرم المرأة إلا الكريم , ولا يهين المرأة إلا اللئيم , ولا يغلبن إلا الكريم، ولا يغلبهن إلا اللئيم ، وأنا أريد أن أكون – أي رسول الله صلى الله عليه وسلم – مغلوبا أي كريما ، وليس غالبا أي لئيما )، هذه أخلاق الإسلام السمح فاين أنت منها يا ترى!!!!؟.
إن ما تعرضت له قيادية حزبنا، من سلوك عدواني، لا يمت بصلة إلى الأعراف الديمقراطية، التي تفرض على مسؤول إداري، أن يحترم المسؤولية التي أنيطت به ولا يتجاوز حدوده، ويستغل في المقابل منصبه، ليمارس عنفا رمزيا على مرأة مغرببة، وكفاءة وطنية، تضطلع بمهام جمعوية، كرئيسة للفيدرالية المغربية للتعليم والتكوين الخاص، فهي تحضر لقاء الوزارة لمناقشة موضوع بأهمية بمكان، استعدادا للدخول المدرسي القادم، الذي وجب التهييىء في احسن الظروف، بسبب التداعيات السلبية لخطر وباء كورونا.
إن حق جليلة مرسلي، في المشاركة والتفاعل وإبداء رأيها دون مضايقة، حق دستوري ثابت ومشروع، لا يمكن لأي مسؤول حكومي، أن يمس به، لأن دستور 2011، مكن المرأة المغربية من كل الحقوق التي تساعدها على مسؤوليتها كاملة إلى جانب أخيها الرجل.
إن هذا الفعل الشنيع الذي قام عضو العدالة والتنمية، يضرب في الصميم، المكانة السياسية التي لمرسلي، فهي سليلة بيت سياسي رائد، وهي برلمانية سابقة عن الائحة النسائية سنة 2011، باسم حزب التجمع الوطني للأحرار، وهي قيادية نسائية، تمارس عملها النسائي، كرئيسة للفدرالية المرأة التجمعية جهة الدار البيضاء سطات، و هي عضو للمكتب الوطني لفدرالية المرأة التجمعية، وأكبر من هذا كله فهي وجه نسائي متوفق، باعتبارها إطار كبير، خريجة جامعة الأخوين شعبة الدبلوماسية “المغرب والسياسة الجديدة مع الجار الأوروبي.
فمسارها السياسي، زاخر بمحطات النضال والدفاع عن المرأة وكل ما يتعلق بها، فهي ابنة الشعب، المتواضعة، تمتاز بالجدية والصدق في معاملتها.
إن ما يتنساه أتباع الحزب الأغلبي، أن مسؤوليتهم التي يضطلعون بها، مقيدة بالقانون، ومؤطرة بأخلاقيات مهنية، وجب تكريسها بكل إخلاص، تحقيقا لمعنى المساواة بين الرجل والمرأة، بعيدا عن الهيمنة على مراكز القرار، لأن قياديي العدالة والتنمية تناسوا هذه الأيام، أن الدستور الذي صوت عليه المغاربة الاحرار، ربط المسؤولية بالمحاسبة، فحق أختنا مرسلي المناضلة التجمعية القحة، والفاعلة الجمعوية، والخبيرة في شؤون التعليم، في إبداء وجهة نظرها في لقاء رسمي، هو حق أساسي، لايمكن بأي حال من الأحوال أن يتم الإجهاز عليه، بمنطق التغول أو الحكرة.
لقد تناسى مسؤولي البيجدي هذه الأيام وهم مهووسون، بالانتخابات القادمة، أن بلادنا حسمت في مبادىء التعددية، والديمقراطية والمساواة، وكرستها كخيار وحيد لممارسة السياسية، أو تقلد مناصب المسؤولية، بعيدا عن الخبث السياسي، الذي جعل هذا المسؤول “الإخواني” و”الإسلامي”، يتناسى نفسه، ويتجاوز صلاحياته، ليمارس العنف الرمزي، على خيرة النساء المغربيات، المناضلات التجمعيات اللواتي يشرفن حزبهن ووطنهن وملكهن، حفظه الله.
وإذ نعلن تضامننا مع مرسلي القيادية في حزبنا، نود أن نؤكد لأتباع الحزب الأغلبي، إن حرمان خصومكم السياسيين، من حقوقهم الأساسية في إبداء وجهة آرائهم، بكل حرية، هو ممارسة خطيرة تتنافى مع الحركية التشريعية والحقوقية، التي أنتجت مفاهيم حقوقية ودستورية جديدة، من أبرزها تكريس خيار الديمقراطية التشاركية، والحكامة و التمكين، هذا الأخير له ارتباط قوي بتعزيز وضعية المرأة في ظل تنامي الوعي العالمي بقضايا النساء وتمكينهن من حقوقهن كاملة، حتى لا تبقى المرأة تعاني من أبشع أنواع الاستغلال والممارسات المقيتة لامثال هؤلاء المسؤولين المتغولين.
إن تحقيق الديمقراطية الحقيقية، رهين بمنح الفرصة لكلا الجنسين على قدم المساواة، رجلا كان او إمرأة، ليمارسا حقوقهما كاملة في المشاركة في عملية التنمية من خلال توسيع الخيارات المتاحة أمام المرأة على وجه الخصوص، المعنية بالإقصاء والتهميش، من بعض الذكوريين، ونحن إذ نجدد تضامننا المطلق مع المناضلة التجمعية، جليلة مرسلي، فإننا نقول إن ممارسات ومحاولات أتباع الحزب الأغلبي، المس بحقوق المرأة المغرببة، هو ممارسة بائدة، عفا عنها الزمن، لأنه يغيب فيها التمييز وتقدير الكفاءات النسائية، فلا يمكن أن يتم تهميش الطاقات والكفاءات لا لشيء إلا بسبب هواجس سياسوية ضيقة، في حين أن هاجس مسؤولي الدولة وعلى رأسهم ملك البلاد حفظه الله، دعا ويدعو في أكثر من مناسبة إلى إشراك المرأة في الحياة السياسية و كذا في قلب المخططات التنموية.
إن مثل هذه الممارسات الشنيعة، لايمكن إلا أن تكرس انقساما كبيرا حول النموذج المغربي المجتمعي، الذي سيكون هو السبيل الوحيد للنهوض بأعباء الوطن، ومواجهة كل التحديات والمخاطر التي تحذق بنا، إن الحفاظ على حق الجميع في تكريس التعددية الديمقراطية، رهين بالدرجة الأولى، بممارسة سياسية نزيهة، تكون بعيدة كل البعد عن نزوعات الانتقام من الخصوم السياسيين، لأن التسامح وممارسة المسؤولية بأخلاق، هو القادر على إحداث التغيير الحقيقي والمنشود، وتمكين المرأة المغربية من حقوقها غير منقوصة، أو مجتزئة، لأنها معنية بشكل كبير في الانخراط بقوة إلى جانب أخيها الرجل في سباق التنمية، في كل المجالات، لأن المرأة باختصار ليست نصف المجتمع، بل هي المجتمع كله. فما هكذا يمكن أن ننهض بالوطن يا أتباع العدالة والتنمية!!!.
بقلم : عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط، رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية