كان اختيار الحزب لوهبي بنفس هامش المناورة التي لدى مصطفى الرميد في حزبه، لكن الرميد هو الآن في طريقه للخروج من السياسة، ووهبي في طريق دخولها وقد يصل إلى رئاسة الحكومة، لأنه ورقة لا يمنعها سوى أن المسافة بين انتخابه أمينا عاما للحزب وبين رئاسة الحكومة، ليست كبيرة، ولم تكرس اسمه إلا داخل الأوساط النافذة، وهناك من وضعه أمينا عاما من أجل رئاسة الحكومة.
الحسابات دقيقة، فمن ينعته “موقع 360” الشبه رسمي، بأنه “رفيق”(1) يذكره بماضيه اليساري، تؤكد “جون أفريك” من جهتها، أن ولاءه لحزب الأصالة والمعاصرة(2) وهي رسالة مضادة لما ذهب إليه الموقع، خصوصا وأنه زكى هذا التوجه بفعل لقائه مع نزار البركة(3)، لإثبات أنه قائد الوسط وليس قائدا يساريا كسابقيه العماري وبنشماس، وقد اختزل خياره برفضه حكومة التكنوقراط(4)، وإيمانه بأنه منتخب، وعلى مسطرة الانتخابات أن تسري على كل الأحزاب.
خرج القائد السابق للأصالة والمعاصرة من البوابة الصغيرة(5)، ولذلك، فإن الدعم الذي تلقاه وهبي لم يكن عاديا، لأنه حل وسط بين الأعيان المحافظين، واليسار القادم من قاعديته، وربما تطرفه.
وأيضا، قد يكون وهبي حلا وسطا بين مختلف الحساسيات، فهو مناور إلى حد بعيد، وقد تكون قيادته حاسمة لحزب عرف بأنه “حزب الدولة” لأجندة الدولة: تعميم التقاعد والتغطية الصحية على المغاربة إلى جانب التعويضات العائلية لأطفالهم، ولن تتحقق هذه الأجندة إن استمر رجال الأعمال في الحكومة، لذلك فإن رفض وهبي لـ”حكومة التكنوقراط”، ولـ”حكومة رجال الأعمال”، هي رسالة إلى أن مرحلة ما بعد “كورونا” لن يقودها تقنيون أو رجال الأعمال، بل ساسة من تيار الوسط يتجاوز المحافظين واليساريين.
ويؤهل هذا الوضع للتأكيد على أن عبد اللطيف وهبي، حسب تقارير استخبارية، ضمنها الفرنسية، ترشح هذا الاسم الغامض لإدارة مرحلة غامضة تجمع بين الإجراءات الاجتماعية والمتطلبات التي تفرضها المرحلة.