“الخبير” الأزمي يكشف لنا بذكائه الخارق (من الخروق)، أن الأجور (وليست التعويضات) التي يتقاضاها المنتخبون بالمجالس المنتخبة والبرلمان، أعدت لتحصينهم ضد الفساد، وكأن البلاد ليست بها قوانين ومحاكم لردع المفسدين، ثم يعود ليوضح أنه لا يعقل أن يعمل المنتخب ولا يتقاضى أجرا نهاية الشهر من أجل عيش أسرته.. فهل الترشح للانتخابات الذي هو في الأصل تطوع من أجل خدمة الشعب، تحول بقدرة قادر إلى الترشح لمباراة توظيف؟ وكيف بلغت جرأة الأزمي إلى ما يشبه التهديد المبطن بأن المنتخب أمام خيارين فقط، عند تأكيده أن للمنتخب طريقة أخرى لجمع المال، بالحديث عن أن التوقيع على ترخيص بإحداث تجزئة سكنية قد يمكن المنتخب من مبلغ مالي يضاهي ما قد يجمعه من تعويضات رسمية طيلة 28 سنة؟ فهل هذا ما توصل إليه الأزمي ورواد حزب “المصباح”؟ أليس من مهامه أن يبحث عن قوانين وتشريعات جديدة تقوي عمل الدولة في محاربة الفساد، وتمنع عمليات الارتشاء التي تتم (تحت الطاولة) في قطاع التعمير؟ ألا يعتبر الإقرار بإمكانية تلقي منتخب لرشاوي ضخمة قصورا في أدائه لمهامه هو وكل البرلمانيين بمختلف تلويناتهم؟
لماذا أقحم الأزمي فئة الموظفين (المدراء، رؤساء الأقسام، العمال، الولاة…) في حديثه عن المنتخب والوزير؟ وما هي أوجه التشابه والتلاقي بين الحديث عن أطر الوظيفة العمومية وبين مهمتي منتخب أو وزير، وهما مهمتان لا علاقة لهما بالوظيفة العمومية لا من حيث مسطرة الولوج ولا من حيث المهام التي تدخل في إطار العمل التطوعي، ولا يمكن بأي حالة من الأحوال أن يدرجا في خانة الموظفين، وتمتيعهما بأجور شهرية وحقوق مدونة الشغل والتقاعد؟
خرجة الأزمي يمكن اعتبارها بمثابة خارطة الطريق لنموذج تنموي أزمي جديد وفريد، جمع بين التهجم والتسلط والأنانية والتضييق على الحريات، أبدع في إخراجها بتبنيه كلمات دخيلة على اللغة العربية وتؤرخ لفترات استعمارية (بيليكي، الديبشخي)، والتي حاول من خلالها إبراز الوجه السوقي في شخصه، والتأكيد أن لديه كذلك دكتوراه في الشغب والإرهاب الفكري والعنف الزنقوي، وأنه مستعد للتكشير عن أنيابه من أجل فرض ما تفرزه غرائزه المكبوتة لفرض سياسيته.