إذا كانت الوثيقة المالية الرسمية للعاصمة عن السنة المقبلة، لم تجتز بعد المساطر المفروضة بالقانون، فإن الانعكاسات الاقتصادية التي خلفها وباء “كوفيد 19″، تفرض مراجعة شاملة وعميقة لفقرات بنود النفقات المثقلة بالكماليات والريع، وتكاد تكون عامة بأكثر من نصف الميزانية، أي تقريبا 50 مليارا من مائة مليار، مما يستوجب تلقيحها لإنقاذ المالية الجماعية من الجائحة التي عششت في أركانها منذ عقود، ولن تستمر وتصمد أمام سد الأزمة القاتلة الزاحفة بمصائبها والمانعة لكل نشاط، والشاهرة لسيف الإفلاس في وجه كل المقاولات، باستثناء الإدارات الحكومية والجماعية الممولة من هذه المقاولات ومن عموم المواطنين، وسيكون من السخرية أن تتعمد هذه الإدارات الضامنة لأجور وتعويضات وامتيازات موظفيها من جيوب ضحايا الجائحة، توجيه طعنات أخرى إلى هؤلاء الضحايا من أجل أداء ضرائب ورسوم على سنة الوباء والخوف والموت والإفلاس، ليستفيد منها الحاكمون الجالسون في مكاتبهم المكيفة، ورهن إشاراتهم سيارات “جابها الله”، التي تنفق عليها الجماعة لصيانتها وإصلاحها وتأمينها مع مصاريف بنزينها وضريبتها، وتتحمل تكاليف فواتير التلفونات وكراء بنايات، يقال – والله أعلم – لمصالحها، مع إصلاحها كل سنة بمئات الملايين، و”تتبرع” بالتعويضات المختلفة حتى عن “الأشغال الشاقة”، وبالإمدادات المالية لمؤسسات، وبالدعم المادي لشركات، والمنح لجمعيات، والأجور لمتعاقدين، علاوة على موظفيها بكل ما يكلفون مصاريف هي الأضخم على الإطلاق، إضافة إلى نفقات الدراسات والأتعاب والمشاورات والتكوين، لتجني الجماعة من هذا البذخ، فقط “تجبيد أذنيها” من طرف المحكمة على أخطاء ارتكبتها، وقد حكمت عليها في السنة الماضية بغرامة مليار، بالرغم من انخراطها في “خردة” من التأمينات على البشر والحجر، ومع ذلك تؤدي كل سنة مليار على “هفواتها”، أما تكاليف الإنارة والماء لمقرات الجماعة وشوارع الرباط، فإن قيمتها المالية الباهظة تستوجب البحث والتحري، كما تتطلب فتح تحقيق عن حقوق الجماعة من امتياز تفويت هذين القطاعين للخواص..