الصورة المرفقة هي لبناية شامخة شيدت منذ قرن وخصصت لبنك المغرب، الذي يضمن الرواج الاقتصادي في كل ربوع المملكة، وقد تمنينا لو كانت بجانبها بناية أخرى في حجمها وهندستها لـ”بنك الأفكار”، يزود المجالس المنتخبة والمقترحة من مختلف الجمعيات السياسية لتبني قضايانا واستعمال سلطاتنا وأموالنا، للنهوض بأحوالنا وضمان أمننا وسلامتنا واستقرارنا، بعد أن كنا ضحايا تهورنا في إسناد ثقتنا دون وصل التسليم لمن لا يختلفون عن سابقيهم، وربما يتفوقون عليهم، في شح الأفكار والإنجازات والتواصل مع الرباطيين.
وهذا التراكم السلبي أيقظ فينا الحذر، حتى من أنفسنا الأمارة بالسوء، ونحن الذين صنعنا بأصواتنا وثقتنا العمياء: مجالس حكومية وجماعية ومهنية وبرلمانية وجهوية وحقوقية ونقابية، وحتى تعاضدية، بدون شروط مكتوبة وموثقة بقانون يحمي أصواتنا من الاستغلال الذي نتعرض إليه اليوم حتى صارت الانتخابات طريقا سيارا آمنا للاغتناء والنفوذ وعملا لمن لا عمل له، وهذا مرده إلى الفراغ في التشريع الذي جعل من الجمعيات السياسية “وصية” على كل المغاربة وما هي إلا هيئات لمنخرطيها داخل نفوذ مقراتها المصرح بها في الوثائق التأسيسية والمستوفية لشروط احترام أهدافها وآجال تجديد هياكلها.
وإذا كانت جمعية سياسية قد اقترحت مؤخرا في جمع لأعضائها، بأنها تلتزم بتطبيق شرط دفتر التحملات بين مرشحيها في الانتخابات المقبلة وبين الناخبين، وهو ما طالبنا به منذ سنة، فإننا إذ نثمن هذه الخطوة بتخليق العمل الانتخابي، نؤكد بأن الانتخابات المقبلة لن تكون كسابقاتها يتسلم فيها “مجهولون” مصير البلاد والعباد، بالخطابات الرنانة والوعود الشفوية، ولكن بتعاقد بين الهيئات التي لا نفوذ لها على المواطنين، بل على أعضائها فقط، تلتزم فيه بانسحابها من الساحة السياسية إذا قامت بتقديم “مخلوضين” ومن يدورون في فلكهم، أو مبذرين عاجزين عن تلبية حاجيات الساكنة، وتحدد سنتين من انتداب مرشحيها إذا لم يسجلوا إنجازات ملموسة خلالها مع عقلنة التسيير، فـ”الضامن بشكارته” كما يقال، والضامن في هذه الحالة إذن، لن تقبل منه لا شهادة ولا تزكية، ولا يترشح في المستقبل.
ونحن في الرباط، “أم العواصم”، لن “نقامر” كالهيئات الانتخابية بسمعة ومستقبل عاصمة كل المغاربة، التي استفادت من المشاريع الملكية، ولن نسلمها إلى المجهول، ولكن نطالب بحمايتها، لأنها ملك محفوظ لكل مغربي وليس لهيئات، لذلك يجب حمايتها بقانون خاص للعاصمة، ومثل هذا القانون معمول به في جل عواصم الدول العريقة في الديمقراطية، وقد سبق أن طبقته الرباط إلى حدود تسعينات القرن الماضي.