قال الدكتور المصطفى بنعلي، أمين عام حزب جبهة القوى الديمقراطية، بمناسبة إحياء الذكرى الثامنة لرحيل القيادي، المرحوم التهامي الخىارى، أن المبادرة الفكرية لهذه السنة والتي قبلها سواء من خلال حدث تأسيس مؤسسة تحمل اسم الراحل أو من خلال الدرس الافتتاحي للموسم الثقافي 2021 للمؤسسة، الذي نظمه الحزب مساء الخمس 25 فبراير الجاري، بعنوانه المحوري ومكانة الشخصية التي تفضلت بإلقاء هذا الدرس مجسدة في الأستاذ عبد الله ساعف، تجسد كلها ما يحمله مناضلات ومناضلو الحزب، من ولاء راسخ لفكر المرحوم التهامي الخياري.
واعتبر الدكتور بنعلي إن العائلة الفكرية للجبهة وهي تقيم الاعتبار للثقافة والفكر كضرورة فاعلة في التاريخ إنما تسعى لبناء الإنسان وتملك الإدراك المغربي، من خلال مبادرات تجعل من الفكر والرأي والبحث والدراسة، مداخل أساسية للمشروع المجتمعي للحزب الذي تحرر عن مؤسسه بفعل مؤسساته.
وأكد في سياق ذلك أن هذا الولاء الفكري للمرحوم ولمشاريعه يؤكد أن مزاوجته بين الفكر والممارسة السياسية قيمة مضافة مطلوبة على الأقل فيما أنتجه من أفكار، مضيفا أن الراحل بما قدمه من إنتاج فكرى كأستاذ باحث في مادة الاقتصاد جعله واحدا من الذين نظروا في البدايات الأولى للعوامل اللا مادية للإنتاج.
واجزم أن الممارسة السياسية اليومية حالت دون أن يوثق الراحل كل إنتاجاته العلمية بل ربما حالت حتى دون أن يعبر عن الأفكار الكبرى التي عاشرت أساتذة كبارا من مختلف التخصصات العلمية بما فيها الاقتصاد وسوسيولوجيا العالم القروي أو المدارس الاقتصادية أو العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم البحثة التي كانت الجامعة المغربية وقتئذ، جامعة للقيم والأفكار وكانت الأحزاب السياسية تستلهم منها تلك الأفكار والقيم الكبرى.
وأبرز أنه وببناء صرح مؤسسة التهامي الخياري للدراسات والأبحاث نكون امام جيل جديد من مؤسسات الرأي والفكر، اعتبارا على أن تفوق المجتمعات هو في النهاية تفوق قيمي نوعي، مشددا على أهمية هذا الجيل الجديد من مؤسسات البحت والدراسة التي تدخل في إطار التوافق الكبير لجعل الأحزاب السياسية منتجة للأفكار والنخب المفكرة ومنتجة للقيم ولكل ما يمكن أن يشكل القوى الناعمة المؤثرة في العلاقات الدولية لهذا العصر أكثر مما تؤثر فيه علاقات القوة المادية الأخرى.
ولفت الانتباه في سياق هذا الحديث عن الفكر والدراسة والبحت العلمي بشكل خاص، إلى ما يستلزمه ذلك من ضرورة طرح دور الجامعة في هذا الورش وواقعها، بما يجعل واقع البحث العلمي معاقا بعدد من المشاكل. موضحا أهمية طرح السؤال حول ما إذا كانت الإرادة السياسية الوطنية اليوم مستجمعة لكل عناصر الالتزام، لجعل الجامعة المغربية منتجة للرأي والقيمة الفكرية المضافة، مع استحضار الواقع المر الذي تعيشه، من أجل إنجاز أبحاث ودراسات في مختلف التخصصات، مجسدة في ضعف الموارد المالية والعديد من العوائق الإدارية، التي يعانيها الأستاذ الباحث في حياته اليومية.
وعن اهداف ومساعي مؤسسة التهامي الخياري للدراسات والأبحاث، في بعدها الوطني، استحضر بنعلي الإشكال المؤرق والمرتبط بتنامي هجرة الأطر ممن يفترض مساهمتهم في البحث العلمي، يغادرون الوطن سنويا إلى وجهات مختلفة وفضاءات تعترف بمؤهلات البحث العلمي وتشجع عليه، معتبرا في هذا السياق أن الإرادات الصادقة لا يمكن إلا أن تكون موفقة، في تعزيز المشهد الوطني في مجالات البحث العلمي خصوصا وأن المؤسسة اختارت موضوعا لدرسها الافتتاحي ينم عن بعد أفق، حول الأسئلة المقلقة التي يطرحها تشكيل الإدراك المغربي.
وخلص الأمين العام إلى تثمين مساعي المكتب التنفيذي للمؤسسة، لتعزيز المشهد الوطني في مجالات مؤسسات الإنتاج الفكري وإنتاج الرأي، بما تساهم به في توليد مسارات جديدة للأفكار وخلق نوع من التوافق، حول القضايا الخلافية، وحتى تكون هي الزاد، الذي يمكن من جعل صناع القرار والسياسات العمومية موفقين، في تدبيرهم وسعيهم لاقتراح الحلول لمشاكل وقضايا المجتمع.
وارتباطا بموضوع الدرس الافتتاحي: السيسيولوجيا والمجتمع مدخل للعلوم السياسية والاجتماعية، شدد بنعلي على أهمية السيسيولوجيا كمدخل لفهم المجتمع وآفاق تطويره ورد الاعتبار لمعرفة الذات والهوية لخلق آفاق جديدة للتقدم بناء على ما تختزنه الذاكرة وما تختزله الهوية من مؤهلات مشرقة من اجل المستقبل.
وجدد في الختام شكره للأستاذ الباحث المناضل التقدمي والمفكر المغربي المعروف عبد الله ساعف الذي أبى إلا ان يساهم في إنصاف شخصية تقدمية من قامة المرحوم الخىارى، من خلال درسه الافتتاحي وبأفكاره المترفة في مجالات السيسيولوجيا وفى هذا الموضوع البحثي الهام، استلهاما لعدد من القضايا والمسائل المطروحة على مجتمعنا، في هذا الوقت الحاسم. كما عبر عن امتنان الحزب لكل من يستلهم من ثقافة العرفان والاعتبار الفكري بالأساس ولكل من ساهم في بناء الصرح الفكري لحزب جبهة القوى الديمقراطية، ولكل الأساتذة والضيوف الذين يعتبرهم الحزب جزءا من مشروعه التنويري.
عبد الرحيم بنشريف