صورة اعلاه : الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة مولاي الحسن الداكي
مع اقتراب الموعد يتبادر الى الأذهان الكثير من التساؤلات والكثير من المواقف، بشان انتظارات المغاربة من هذه المحطة وان كان الكل يامل ان يحصل فعلا تغيير وتبديل سواء لإستراتيجية العمل الاستشاري او لواقع المعيش لدى المواطن… في المقابل تصادف أطرافا أخرى من المغاربة تغلب على أنفسها هواجس فقدان الثقة في الانتخابات وما تفرزه من مؤسسات تحول كل الانتظارات الى اوهام بفعل تغييب اهم الانشغالات لدى المواطنين والتي تتجلى في الشغل والصحة والتعليم…
وفي اولى القراءات، وقف العديد على أن استحقاقات هذه السنة اتجهت إلى العمل بما يسمى بـ”القاسم الانتخابي”، هي الوسيلة التي توصل إليها أصحاب الشأن في البلاد،… لاغتبارات لا يعرفعا مهندسو هذا الإجراء. وقد اعتبر البعض من المتتبعين والمهمين بالشأن السياسي أن اللجوء إلى القاسم الانتخابي هو “تزوير انتخابي بشكل قانوني”. ومجرد عبث ومهزلة وتحايل على الديمقراطية، “يخفي هاجسا سياسيا ثقيلا لدى السلطة والأحزاب حول حصول عزوف كبير للناخبين عن المشاركة”.
ويرى محللون سياسيون أن المغرب يشهد اليوم مرحلة احتضارا للأحزاب وموت العمل الحزبي، وموجهين اصابع الاتهام إلى الإدارة واستمرارها في توغلها في الشؤون الداخلية للأحزاب منذ الاستقلال، باختراقها وإفساد الحياة السياسية.
وفي جانب آخر تتناسل أحاديث عن إفساد اللعبة من الناخبين والأحزاب نفسها، عندما تعمد إلى سلوكات مسيئة للفعل الديمقراطي، باللجوء الى الاتجار في ضمائر الناخبين، والذي يعد ممارسة نخاسية صرفة.
ويزيد من تكريس هذا السلوك المرفوض ديمقراطيا هو أن أغلبية المواطنين المغاربة (بكل فيئاتهم سواء الفقيرة او الميسورة، سواء الأمية او المثقفة..) تعودوا على عرض ضمائرهم إما بشكل مباشر او بادعاءات واهية لإبعاد شبهة مشاركتهم في إفساد المحطة الانتخابية، ويلعب دور السماسرة في الانتخابات أكبر الأدوار للمتاجرة بفاقدي الضمائر..
المرشحون، الذين لا يوجد في برنامجهم الشخصي، بعد شراء التزكية من حزب معين، إلا شراء ضمائر الناخبين، حيث نجد، أن سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، يترددون على بيته، أو على الأماكن التي يتواجد فيها، من أجل التوافق معه، على القيمة التي يدفعها في ضمائر الناخبين، انطلاقا من لائحة الناخبين، التي توجد بين يديه، وعدد الضمائر، التي يشتريها من كل سمسار، أو تاجر في ضمائر الناخبين، حتى يضمن لنفسه الفوز.(هذا واقع لا ينكره إلا فاسد).
كل هذه الإشكاليات للأسف (أبينا أم كرهنا) تجري أمام أنظار السلطات الوصية، التي لا تحرك ساكنا، فكأن ذلك، يقع بإرادتها، وفي اكثر الاحيان بتوجيه منها، مما يجعل هذه السلطات الوصية، لا تقوم بأي عمل يهدف إلى وضع حد للفساد الانتخابي، الذي يمارسه في المقام الأول الناخبون الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، ودون حرج، ودون حياء من الشعب، الذي لا يشرفه ما تقوم به زمرة الناخبين.. ثانيا، “السماسرة” أو تجار ضمائر الناخبين، الذين يتنافسون على شراء ضمائر الناخبين، من أجل إعادة بيعها للمرشحين، بهدف الوصول إلى عضوية المجالس الجماعية الترابية، ليصبحوا من الناخبين الكبار، الذين يبيعون ضمائرهم لمن يسعى إلى أن يصير في صدارة الجماعة الترابية، أي جماعة ترابية… ثالثا، المرشحون الذين لا يعتمدون إلا على شراء الضمائر الانتخابية، بدل العمل على توعية الناخبين، بالبرنامج الانتخابي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
إن السلطات المحلية الوصية، على المجالس الجماعية الترابية، تعرف الناخبين الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، كما تعرف سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، وتعرف، كذلك المرشحين، الذين يشترون ضمائر الناخبين، من أجل الوصول إلى عضوية المجالس الترابية، ومع ذلك، لا تقوم بالإجراءات الضرورية/القانونية في حق الفاسدين، الممارسين للفساد الانتخابي، كناخبين يبيعون ضمائرهم، أو فاسدين، كسماسرة، أو تجار ضمائر الناخبين، أو مرشحين، يشترون تلك الضمائر، مما يضعها في شبهة واسعة واتهامها بالتخطيط للفساد الانتخابي، وتلبسها عقدة الإشراف على تنفيذ مخططها، الذي يبتدئ بعرض ضمائر الناخبين، وينتهي بإعلان النتائج، لصالح المرشحين الفاسدين.
وهذه النتائج، تفتقر إلى المشروعية، لأن المشروعية، لا تنتجها إلا انتخابات حرة، ونزيهة، لا مجال فيها لأي شكل من أشكال الفساد.
وإلا، فلماذا لم تقم السلطات الوصية بوضع حد للفساد الانتخابي، الذي يؤدي إلى فساد النتائج؟ أليست هذه السلطات، هي التي تنظم الانتخابات؟ وهو ما يضعها في واجهة تفشي فساد الانتخابات؟ لماذا لم تقم السلطات المحلية بضبط الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع؟ لماذا لم تقم باتخاذ الإجراءات القانونية، ضد سماسرة، أو تجار الضمائر الانتخابية؟ لماذا لم يتم التخلص من المرشحين، الذين يشترون الضمائر، الذين تعرفهم واحدا، واحدا؟ ألا يدل فساد الانتخابات؟
في جميع البلدان المتقدمة، والمتطورة، والديمقراطية، نجد أن وزارة الداخلية، لا تشرف على الانتخابات، بقدر ما تشكل لجنة وطنية، وجهوية، وإقليمية، ومحلية، تشرف على مختلف العمليات الانتخابية، والاستفتاءات، بما فيها انتخابات الجماعات الترابية، وانتخاب البرلمان، والانتخابات الرئاسية، إلا أننا، نحن، في المغرب، نشذ عما يجري في العالم.. وحتى اللجان التي يتم تشكيلها لهذه الغاية، ليست مستقلة، مع أنها تعمل تحت إشراف وزارة الداخلية، مع أن الذي يترأسها قاض، من القضاة العاملين في المحكمة، على المستوى الوطني، الذي يشمل ما هو محلي.
وإذا كانت هذه اللجان، التي تشرف على الانتخابات، في البلدان الديمقراطية، تتخذ القرارات، فإنها في بلادنا لا تتخذ أي قرار، فيما يتعلق بالانتخابات. وكل ما يطلب منها، أنها توقع على المحاضر، التي تنص على أن الانتخابات التي مرت، هي انتخابات حرة، ونزيهة، مع العلم أن: المواطنين الناخبين، تمرسوا على عرض ضمائرهم، على رصيف الانتخابات، من أجل البيع، وقيام سماسرة الضمائر الانتخابية، أو تجار تلك الضمائر، بشرائها، في أفق إعادة بيعها للمرشحين، لا يصلون إلى عضوية الجماعات الترابية، إلا بشراء ضمائر الناخبين.
وقد كان في إمكان السلطات المحلية، أن تعمل على ضبط الناخبين، وهم يبيعون ضمائرهم، لسماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، الذين يقرون، أمام السلطات المسؤولة، بالمرشحين الذين يشترون تلك الضمائر ،من أجل إيقافهم، وإلغاء ترشيحاتهم، وتقديم الناخبين، وسماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، إلى المحكمة التي تقول كلمتها فيهم، حتى نقول: إن السلطات المحلية، تحارب الفساد الانتخابي، وتحرص على أن تكون الانتخابات: حرة، ونزيهة، حتى تنفي عنها اتهامها بالفساد الانتخابي.
كما أنه كان في إمكان هذه السلطات، أن تتخلص من الذين تعودوا على شراء ضمائر الناخبين، بعدم قبولهم لترشيحهم، نظرا لكونهم يحملون صفة ذوي الماضي الأسود، بين البشر. والسلطات المحلية، عندما ترفض ترشيحهم، فهي تؤكد في الواقع، عدم اتصافها بالفساد الانتخابي، وهو ما يعني أن امتدادات السلطة إقليميا، وجهويا، ووطنيا، خالية من الفساد.
وفي أفق تحقيق النضج الاجتماعي والمجتمعي لاحترام الضوابط ولآليات العملية الانتخابية، ينتظر أن تقوم السلطات الوصية عمليا وبشكل ملموس بوضع حد للفساد، الذي يؤدي إلى فساد النتائج.. وإن قامت السلطات المحلية بوضع حد للفساد، فإن النتائج تكون سليمة من الفساد، وهو ما يترتب عنه::”احترام السلطة لنفسها”… وعندما نصادف سلطة تحترم نفسها في الاستحقاقات الوطنية والمحلية آنذاك وبكل تأكيد ننتقل إلى عالم انتخابات نزيهة، تنزه السلطة نفسها والأحزاب المتواطأة في الفساد الانتخابي، ونكتسب الرشد الاجتماعي والوعي السليم مجتمعيا. وبالتالي كسب الرهان الديمقراطي السليم المعول عليه من وراء هذه المحطات، ولللرقي والازدهار التنمويبن المنشودين من وراء كل هذه الإجراءات.
لن احدث عن ما بعد يوم الاقتراع، وما يمكن أن تفرز عنه النتائج، وما قد تفرج عته الصناديق من توافقات أو نفاوتات في الأصوات، لن أتحدث عن التحالفات لأن الشعب المغربي تعود التطبيع السريع مع واقع الأمر المفروض عليه، وهذا ما يتخوف منه من أن يجعل هذه اللعبة تستمر والتي طبعت الرأي العام الوطني منذ عدة عقود “يتغير اللاعبون وتبقى قواعدها هي.. هي”.
و