عبد الصمد بندحو ، مهندس مغربي بألمانيا
في ظل أزمة كورونا عرفت جل المواد الأساسية الغذائية عبر العالم موجة غلاء و ذلك راجع أساسا لإزدياد الطلب على الطاقة و التوترات العالمية بين الدول بما فيها التهديد بالحرب و ما إظهار القوة العسكرية إلا تجليات لحرب على الطاقة بين الدول فالحرب الفعلية هي حرب اقتصادية عالمية.
المغرب مثل جميع الدول تأثر كثيرا بكل هذه الأزمات و نظرا لارتفاع الطلب على الطاقة ارتفعت معه أثمنة المواد الأساسية عامة و الغذائية خاصة.
إن اقتصاد المغرب يعتمد على أربعة محاور أساسية :
- المحور الأول: الفلاحة التي تعتمد بالأساس على الأمطار، فقلة الأمطار ساهمت كثيرا في قلة المنتوج الفلاحي و بالتالي فهناك نقص كبير في الصادرات الفلاحية مما يؤدي من نقص إبرادات العملة الصعبة و الناتج المحلي الداخلي مع العلم أن الصناعات الغذائية في المغرب تطورت في السنوات الأخيرة بشكل سريع حيث أصبح المنتوج المغربي ذو جودة عالية كما تراه وتجده في أغلب الأسواق العالمية.
- المحور الثاني: الصناعة و أقصد هنا كل من صناعة السيارات و أجزاء الطائرات والصناعات التحويلية التي تأثرت كثيرا بسبب جائحة كورونا حيث تراجعت مبيعات الشركات المصنعة في المغرب مما أدى إلى تراجع الإنتاج و بالتالي تراجع مداخيل هذه الصناعة المهمة التي ينتظر فيها المغرب مستقبلا كبيرا لما له من مؤهلات بشرية و تقنية راكمها عبر سنوات من التجربة.
- المحور الثالث: السياحة التي عرفت وتعرف تقهقرا ملحوظا منذ السنتين الأخيرتين، فمنذ بداية الجائحة كان المغرب يخطو بخطوات استباقية ناجحة لكبح جماح تأثيرها، لكن مع مرور الوقت لم يعد ممكنا أخذ هكذا تدابير لما لها من تأثير مباشر على فئة كبيرة من المشتغلين بهذا الميدان الحيوي الذي يوفر تقريبا ربع فرص الشغل بالمغرب. بعد دراسات من الصحة العالمية و الإتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية و أغلب الدول أكدت أن المتحور أوميكرون ليس له تأثير كبير كسابقيه وهذا ما دفع أغلبية دول العالم لإبقاء حدودها مفتوحة و الإستفادة من مداخيل السياحة خصوصا من دول كمصر و تونس و إسبانيا و تركيا التي ربحت أكثر من عشرة ملايين سائح ربما كانوا سيزورون المغرب في أواخر السنة الماضية مثلا الشيء الذي ضيع على الدولة مداخيل بالمليارات زادت من تعقيد الوضع المادي لفئة كبيرة من المشتغلين وهروب الشركات الأجنبية المستثمرة بهذا الميدان.
- المحور الرابع: الطاقة هنا فعلا المغرب له تجربة كبيرة في الطاقات المتجددة (الشمسية و الريحيةو ..) وله رؤية استراتيجية ثاقبة بعيدة المدى لتحقيق أكبر قدر من الإكتفاء الذاتي الطاقي، إن المغرب فتح أبوابه على مصراعيه للشركات الدولية للبحث على موارد الطاقة كالغاز والبترول و قد نجحت هذه الشركات في اكتشاف قدر لا بأس به من حقول الغاز و أظن أن المستقبل يخبئ الشيء الكثير في هذا الميدان، لكن الآن الكلفة الطاقية و الطلب المتزايد و المتسارع على الطاقة من طرف المغرب أكبر مما كان ذي قبل للحفاظ على نموه الصناعي والفلاحي، لذلك المغرب مجبور على استيراد الطاقة من الخارج ودفع جزء كبير من الميزانية الوطنية بالعملة الصعبة.
أظن لتجاوز هذه المشاكل المتداخلة فيما بينها هو البداية بالقطاع السياحي الذي يخلق فرص شغل كبيرة وذلك بعدم تعقيد شروط الدخول والخروج للتراب الوطني حتى يتم تشجيع السياحة،أما في الميدان الفلاحي فتحلية ماء البحر في نظري هو الحل البراغماتي للنمو الفلاحي وعدم الإعتماد الكلي على الأمطار، أما الميدان الصناعي سوف يتعافى نظرا للمؤشرات الإيجابية للتعايش مع كورونا للبلدان المستوردة سواء للسيارات أو الطائرات، أما على المستوى الطاقي فمهما كلف الأمر وجب على الدولة الإسراع في بناء مدن من الطاقات المتجددة و تكثيف البحث على الغاز و البترول للنقص من الكلفة الطاقية الآتية من الخارج.
في نظري كل هذه الإقتراحات تساهم بشكل كبير في امتصاص البطالة عبر خلق فرص الشغل و تزيد من وثيرة الإستثمار و تزايد الإيرادات بالعملة الصعبة و النقص في التكلفة الطاقية و أهم شيء تحقيق اكتفاء ذاتي فلاحي لا يعتمد فقط على الأمطار كل هذا سيخلق توازن في الميزانية المغربية و بالتالي سينرى انخفاضا في الأسعار…