أكد الدكتور أحمد نور الدين ، الخبير في القضايا الدولية والجيوسياسية و الخبير في شؤون شمال أفريقيا ، أن قوة النموذج المغربي في التدين تكمن في كونه ليس وليد اللحظة وليس ردة فعل تجاه تغول ظاهرة التطرف والتكفير وانتشار العنف .
و أضاف المتحدث أن التدين المغربي نتاج قرون من التفاعل الحضاري بين ثلاثة مكونات أساسية وهي:
اولا : العقيدة السنية الاشعرية التي بوأت العقل المكانة السامية التي خصه بها القرآن الكريم في توازن دقيق مع النقل، عكس التيارات التكفيرية التي تمعن في تحقير العقل وإلغائه وتمجيد النقل، ومن هنا كان المدخل والتلبيس لإخضاع الأتباع لايديولوجية المشايخ وإرادتهم المطلقة بذريعة أن الدين اتباع، دون إزعاج من الأسئلة العقلانية لماذا وكيف وما السبب؟
ثانيا المذهب المالكي الذي أعطى مكانة مهمة في مصادر الفقه للمصالح المرسلة ومنها عرف أهل البلد، وهو ما فسح مجالا واسعا للاجتهاد في الاحكام والنوازل على اساس واقعي يأخذ بعين الاعتبار تغير الظروف والملابسات والحيثيات من بلد الى بلد ومن عصر الى آخر، وبذلك تم القطع مع القوالب الجاهزة والنمطية في الاحكام.
ثالثا : التصوف السني على طريقة الجنيد، الذي هذب الأخلاق واهتم بجهاد النفس وتربيتها الروحية والايمانية وزرع قيم التجرد والإخلاص والمحبة والرحمة لكل الناس بمختلف اجناسهم، وهو ما شكل سدا منيعا أمام تيارات العنف اللفظي والسلوكي.
وعلاوة على ما سبق ، كما يرى أحمد نور الدين ، فقد توج هذا العقد الفريد بإمارة المؤمنين التي شكلت درعا حال دون استغلال الدين لأهداف غير شرعية او خدمة لأجندات مذاهب باطنية او تيارات خارجية عبر 12قرنا من تواجد الدولة المركزية بالمغرب التي اجتمعت فيها إمارة الدين مع إمارة الدولة في شخص السلطان او الملك.
وختم أحمد نور الدين بقوله :” هذه هي وصفة الوسطية والاعتدال التي يقدمها المغرب بكل تواضع لإفريقيا وأوروبا والعالم أجمع كعلاج لظاهرة الإرهاب والتطرف، معززا في ذلك المسعى بمؤسسات رسمية مثل جامعة القرويين بكل فروعها، ومؤسسة محمد السادس لعلماء إفريقيا، او رابطة العلماء، او معهد تكوين الأئمة والوعاظ، الخ. او من خلال المؤسسات غير الرسمية مثل الطرق الصوفية المغربية التي لديها اتباع يفوق عددهم نصف مليار مسلم عبر القارات الخمس”.