من الأسباب التي تغذي العداء المغربي – الجزائري من الناحية التاريخية هو الإختلاف في النظامين السياسيين للبلدين ، فالنظام المغربي ملكي عريق ، بينما النظام الجزائري فشيوعي شمولي يقوده حزب وحيد مع حفنة من الجنرالات .
شهد المغرب تاريخيا تمركزا للسلطة وتوالي الأسر الحاكمة ، كما جمع بين التاريخ الإسلامي في شمال إفريقيا ، و بنية داخلية تعمل على استعادة وحدة أراضي البلد ، بينما نجد الجزائر قد ركزت في دعايتها على تجربة التحرير ، وبروباغندا الإستقلال ومواجهة الإمبريالية ، والحديث المتواصل منذ عقود عن تاريخ عريق مزيف للجزائر لتبرير قيام ما يسمى ” الأمة الجزائرية” ، التي لم يعرف لها تاريخيا الإجتماع إلا على يد العثمانيين ثم الفرنسيين .
بعد حصول نظام الحكم في المغرب على الإستقلال ، عمل -ولازال- على استكمال وحدة أراضيه ، وهو الأمر الذي أعطى للقومية المغربية طابع التحرير الوطني ، إن نزعة التنافس حول الإنفراد بقيادة المنطقة بين الدولة الأمة ( المغرب ) والدولة الوطنية الوليدة ( الجزائر) ، والإختلاف المتباين في طريقة نشأة الدولتين، و الإختلاف في توجههما السياسي و حضورهما التاريخي ، من العوامل التي أدت بنظام الحكم في الجزائر إلى تبني سياسة قومية ، تحاول إيجاد موطئ قدم لها في المنطقة ، وتتخوف من قومية مغربية لها ثقل تاريخي وحضاري تستطيع إذابة القومية الجزائرية الحديثة ، بينما يعمل المغرب على التحصن ضد القومية الجزائرية التي تحاول محاصرته و القضاء على نفوذه وتواجده التاريخي بالمنطقة ، و تحول وحدته التاريخية إلى فتات ، وتقطع صلته بالعمق الأفريقي .
الغزو التاريخي لا يحارب الحاضر فقط، بل الماضي أيضا الذي بني عليه الحاضر ، و هدفه هو أن يدمر الغزاة أسباب وجودنا أصلا على ساحة التاريخ ، من خلال التشكيك والطعن في رموز الأمة و عظمائها ، و تحويلهم إلى خونة و عملاء ، و مسحهم من الذاكرة التاريخية لشعوبنا ، ثم بناء تاريخ وهمي ، وصناعة أبطال وهميين ليكونوا بديلا عنهم.
وعلى نفس النهج ، تسير الجزائر منذ نشأتها في محاربة تاريخ الأمة المغربية ، لأن قادتها أرادوا زعامة المنطقة وتأثروا بشخصية جمال عبد الناصر ، لكنهم وجدوا أنفسهم يفتقدون إلى تاريخ مجيد ، يبنون عليهم شرعيتهم ، ويجعلونه سندا للنفوذ والتوسع ، ووجدوا في جوارهم إمبراطورية تاريخية تنافسهم ،و حافظت على هويتها ووجودها واستمرارها لقرون ، ولم تعش فرغا حضاريا لخمسة قرون كما هو شأن الجزائر ، لهذا وظفوا الأكاديميين و المناهج التعليمية و الإعلام لصناعة بروباغندا عظمة الجزائر ، و عملوا على الإستحواذ على كل مظاهر الخصوصية المغربية ، و محاولة القضاء على أي ارتباط تاريخي بين المغرب و نفوذه في غرب أفريقيا ، عن طريق صرف مئات مليارات الدولار لدعم إنفصال منطقة الصحراء عن مغربها ، حتى يصبح المغرب دولة صغيرة تحاصرها الجزائر في الشرق و الجنوب .
إن التاريخ أحد أعمدة هوية الأمم العريقة ، ومن لا تاريخ له فلا هوية له ، ولا خير في أمة تجهل تاريخها .
المغرب قبل كل شيء
ولا غالب إلا الله