يعد القفطان المغربي اللباس الذي كان يميز السلاطين و الملوك المغاربة منذ القديم رمزا من رموز الفخامة و دليلا على اهتمامهم بالأناقة و الرقي في الملبس .
يعود أصل القفطان المغربي إلى عهد الدولة الموحدية المغربية في القرن 12 ، ليتم توارثه بين المغاربة إلى يومنا هذا ، و قد تم نفي أي أصل يربطه بالعثمانيين من قبل الدكتورة مفيدة عبدالنور قصير استاذة تركية تعمل باحثة بتركيا في أنقرة ، و أنجزت كتابها التطور التاريخي للباس القفطان ، الذي يتحدث عن القفطان و طرق صنعه في كل دولة محددة ، لقد كان القفطان المغربي ذا ألوان داكنة مع أكمام قصيرة ، و يعود الفضل في صناعته لمدينة فاس التي كانت في عهد الموحدين المدينة الصناعية الأولى في العالم سنة 600 هجرية الموافق لسنة 1203 ميلادية حيث انتشرت بها مئات المعامل والمصانع ، من بينها مصانع نسج الثياب .
يقول الحسن الوزان المعروف بليون الإفريقي الذي عاصر الدولة الوطاسية و سفير سلطانها محمد البرتقالي في الصفحة 252 الجزء الأول من كتابه وصف إفريقيا ، وهو يصف نساء مدينة فاس في القرن 15 : (و لباس النساء جميل، إلا انهن في أيام الحر سوى قميص يحزمنه بنطاق لا يخلو من قبح، و يلبسن في الشتاء ثيابا عريضة الاكمام و مخيطة من الأمام مثل ثياب الرجال ) ، وفي هذا المقطع دليل واضح على أن نساء مدينة فاس في القرن الخامس عشر في عهد الدولة الوطاسية برعن في الخياطة و الحياكة، و تحويل القفطان الرجالي المغربي إلى قفطان نسائي .
ومن الأدلة على مغربيته ، ما ذكر عن السلطان أحمد المنصور الذهبي السعدي من اهتمام كبير بأناقته كثيرا ، حيث يقول المؤرخ ‘إبراهيم حركات’ في كتابه ” المغرب عبر التاريخ| الجزء الثاني| الصفحة 370 ” في لباس السلطان السعدي :
(المنصور إتخذ زيا خاصا أدخل فيه القفطان و المنصورية التي نسبت إليه، و صار هذا الزي يتخذه بعده الملوك و الفقهاء) .
أما عن المنصورية التي تعرف اليوم باسم “التكشيطة” عند.المغاربة ، فهي من ابتكار السلطان أحمد المنصور الذهبي حيث يقول المؤرخ “محمد الصغير بن الحاج محمد بن عبدالله الافراني : { و هو لباس من ملف لم يكن مستعملا من قبله و هو أول من اخترعه أضيف إليه فقيل: المنصورية} [ الدكتور و المؤرخ عبدالكريم كريم، المغرب في عهد الدولة السعدية، الصفحة 305 ].
وفي عهد الدولة العلوية ، كان القفطان جزءا من لباس الملوك ، مخصصا للظهور في المناسبات و الحفلات التي تقام في القصر ، و يذكر مؤرخ الدولة العلوية و نقيب أشرافها “مولاي عبدالرحمان بن زيدان في كتابه” الصولة و الجولة في في معالم نظم الدولة | صفحة 59 ” ، أن السلاطين العلويين كانوا يحتفظون بالقفاطين المصنوعة من ثوب الملف في صناديق خشبية و مكسوة .
و في سنة 1830 التي احتلت فيه فرنسا مدينة الجزائر (ولاية الجزائر العاصمة) ، فقد نزح للمغرب على مدينة تطوان حوالي 700 لاجئ جزائري ، فأوصى السلطان “عبدالرحمان بن هشام” خديمه قائد مدينة طنجة “عبدالرحمان أشعاش” ، بأن يحسن استقبالهم و إيوائهم، فاستقبلت تطوان عددا كبيرا منهم قبل أن توزعهم على مراكز أخرى، لأن كثيرا منهم كانوا فقراء و لا يملكون حرفة .[ محمد داود، تاريخ تطوان ج8 الصفحة 315 ؛ المغرب عبر التاريخ، المجلد الثالث صفحة 216] .
و أيضا أوصى السلطان خديمه في طنجة بأن يعطي لكل وافد على مدينة تطوان قفطان ملف حيث ، و قد وردت في إشارات في الرسائل السلطانية المتبادلة بين السلطان محمد بن هشام و قائد تطوان أشعاش لها دلالة على أن القفطان أحد أهم الملابس التي كان يرتديها التطوانيون : “نأمر خادمنا القائد عبد الرحمان أشعاش ان يدفع لخيل اهل تطوان الواردين من حضرتنا قفطان ملف، لكل واحد منهم ” .[ محمد داود، تاريخ تطوان ج8 الصفحة 52 ؛ الجزائريون في تطوان، الصفحة 127 ] .
القفاطين التقليدية للمرأة المغربية خلال القرن التاسع عشر موجودة الآن في المتاحف. بعضها في متحف الوداية بالرباط.