المغرب يشبه شجرة تمتد جذورها المغذية امتدادا عميقا في التراب الإفريقي ، وتتنفس بفضل أوراقها التي يقويها النسيم الأوروبي .
بيد أن حياة المغرب ليست عمودية الامتداد فحسب ، بل هي تمتد كذلك امتدادا أفقيا نحو الشرق الذي نحن مرتبطون معه بالنالد و الطارف من الصلاة الثقافية ، وحتى لو أردنا – ونحن لا نريد قطعا – فإن من المستحيل علينا قطع هذه الصلات .
إنها روابط الدم و الروح ، وقد بقيت عبر قرون حية راسخة ، إننا ورثة الذين أعادوا إلى الغرب في الماضي حضارة يونانية و أخرى متوسطية كانتا مجهولتين في أوروبا .
وعندما أنقذ التراجمة العرب في القرن الثامن إرث الثقافة اليونانية من الضياع ، وعندما ظل المفكرون العرب طوال خمسة قرون يعقبون ويعلقون على البحوث اليونانية في حقول الفلسفة و التاريخ و والجغرافيا و الحساب والطب ، مضيفين إليها ثمرات عبقريتهم و علمهم الذاتي ، فإنهم لم يكونوا واعين أنهم بذلك إنما يحملون مشعل النهضة، مع أن ذلك هو الذي تم عبر إسبانيا وبلاد المتوسط .
إن المغرب يحترز من أن يعيش في الماضي ، ولكنه مع ذلك يأخذ من ماضيه العبر الكبيرة ، و الدروس التي تقوده في الحاضر، والتي يمكن أن ترسم خطاه في المستقبل .
وإني لا أعتقد أن من مصلحة أي أمة《 أن تجعل من ماضيها لوحا محميا 》و أصدقاؤنا الروس الذين يدركون ذلك ، يكرمون كبار رجالات روسيا القدامى ، تماما كما يكرمون أبطال ثورتهم .
الويل كل الويل لشعوب اجتثت جذورها ، ذلك أن الشجرة التي لا جذور لها لا تنبت روقا ولا ثمرا ، إنها شجرة ميتة .
الملك الحسن الثاني ، التحدي ص 296-295 .