تابعت حساب الباحث الشاب الذكي السوري هشام الدندن في الفيسبوك منذ مدة طويلة ، واستفدت منه كثيرا ، لأن الرجل بارع في تحليل عقلية الشعوب المؤدلجة التي عاشت في كنف الأنظمة اليسارية ، وهذا ما عزز رصيدي المعرفي بخصوص الفروق بين الشعب المغربي اليميني الذي يعيش في كنف نظام محافظ ، وبين الشعب الجزائري الذي عانى من فراغ هوياتي بسبب تعرضه لاستعماريين متتابعين طيلة خمسة قرون ، ثم تم شحنه من قبل نظام يساري منذ نشأة الدولة الجزائرية بمرسوم استعماري بما يخدم الأجندة الكولونيالية ، هذا الشعب الذي تلقى أيضا ضربات نفسية في العشرية السوداء .
لهذا توصلت لخلاصة مفاها أنه يستحيل أن يكون هناك تطابق بين الشعبين المغربي والجزائري .
– فالشعب المغربي ترعرع منذ 13 قرنا في ظل نظام يميني ملكي ، بينما الشعب الجزائري لم يستطع بناء دولة إلا على يد الفرنسيين ، ووجد نفسه بعد تأسيسه ضحية لنظام يساري قاس ، قام بعملية غسيل لعقوله طوال 6 عقود بالشعارات والأكاذيب و الشحن النفسي .
– والشعب المغربي توجهه العام يميني محافظ ، و نشيط يسعى لبناء الدولة القوية، ويتشبث بالحقوق التاريخية ، بينما الشعب الجزائري تربى في أحضان اليسار ، و عنده قابلية للعنف ، و كسول ألف العيش على نظام شراء السلم الإجتماعي الذي كرسه النظام العسكري ، و يتشبث بالإرث الإستعماري .
– والشعب المغربي أمة تاريخية حافظت على استمراريتها و تراكميتها التاريخية ، وكانت فاعلا مؤثرا في تاريخ المنطقة ، بينما الجزائر لم تشهد هذا طوال تاريخها قبل الحقبة الإستعمارية .
– والشعب المغربي بمختلف مكوناته الأمازيغية و العربية و الأندلسية والصحراوية ،تطغى عليه فكرة الوحدة و الدولة الأمة ، و لا تشكل هذه الإختلافات اللغوية و العرقية عنده أي مشكلة أبدا ، لأن النظام الملكي يوحدها ، بينما في الجزائر نجد العنصرية متفشية في صفوف بعض المكونات العربية للشعب الجزائري ضد المكون الأمازيغي في القبايل ، وضد المكون الطوارقي في الجنوب ، وقد عمل النظام العسكري منذ نشأته على كسب المكون العربي في الشمال ، و كرس فيه شعارات القومية العربية ، وجعله وسيلة لاستمرارية وجوده ، وحارب المكون الأمازيغي و الثقافة الأمازيغية ، وهمش الطوارقيين في الجنوب الذي يعاني من الفقر و الهشاشة و الإهمال ، لهذا تشهد منطقتي القبايل و الجنوب الجزائري نعرات انفصالية ، و ينعدم منطق الوحدة الروحية و مفهوم الدولة الأمة في صفوف الجزائريين .
– الأهداف والرؤى السياسية للشعبين المغربي و الجزائري وطبيعة نشأتهما السياسية مختلفة ، لهذا يتسع الشرخ بينهما مع مرور الوقت .
– و الشعب الجزائري استطاع بناء قومية جزائرية حديثة جعلت من الصراع مع المغرب عقيدة لتحقيق الوحدة ودوام النظام العسكري الشمولي ، هذه القومية الحديثة سياسية فقط ولا علاقة لها بالتاريخ و الهوية ، بينما القومية المغربية تمتد جذورها إلى قرون ولها ثقل تاريخي و حضاري راسخ ، جعلها محط تخوف من قبل الجزائريين ، لأنها تستطيع إذابة القومية الجزائرية بسهولة ، لكون الجزائريين عانوا ولا زالوا يعانون من أزمة هوياتية و تاريخية ، ولا يملكون تراثا ماديا و لا ماديا يميزهم ، لهذا يحاولون نسبة كل ما له صلة بتاريخ وتراث المغرب إليهم و الإستحواذ عليه باسم الجزائر ، و يعملون جاهدين على بناء هوية جزائرية ثرية على أنقاض الهوية المغربية ، و أنى لهم ذلك نظاما و شعبا ، فالأصيل يظل أصيلا .