بقلم أحمد الموريسكي / باحث في التاريخ
هذه خريطة تبين تواريخ ظهور العصر الحجري الحديث (néolithique) ببلدان حوض البحر الأبيض المتوسط.
العصر الحجري الحديث يتميز بتبني الشعوب للاستقرار في العيش و الاعتماد على الزراعة و التخلي التدريجي عن أنشطة العصور السابقة المتمثلة في التنقل و الصيد و قطف الثمار.
كما تلاحظون في الصورة ، فإن الهلال الخصيب هو أقدم منطقة في العالم تدخل العصر الحجري الحديث في الفترة ما بين 9000 ق.م و 7000 ق.م.
في المنطقة المغاربية كان المغرب سباقا، بفعل قربه من البلدان الأوروبية الغربية لحوض البحر الأبيض المتوسط، إلى ولوج العصر الحجري الحديث بفضل هجرات من الشرق عبر أوروبا. الخريطة تبين أننا نتقاسم مع السواحل الغربية لإيطاليا و مع سواحل فرنسا و اسبانيا و البرتغال، و انتماءنا لنمط الثقافة الكارديالية (cardial) التي هي من خصائص العصر الحجري الحديث في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط ، و المتميزة بصنع نوع من الخزف المزين بالمحار الصدفي و المستعمل في جمع المحصول الزراعي و الطهي.
المغرب عريق يا سادة، وهذه مجرد مقارنة مع مصر، التي يدعي أبناؤها أنها أم الدنيا ، مع أن الهلال الخصيب أقدم منها، حيث يتبين أن إدخال الزراعة إلى المغرب تم في نفس الألفية، و ربما قبل بعض المناطق في مصر.
الأمازيغ قديمون قدم المصريين و هم شعب متأصل في المغرب منذ أزمنة غابرة جدا.
و إنني تعمدت نشر هذه الخريطة ردا على من يدعي أن الهجرات التي ساهمت في تشكل جزء من الموروث الجيني للأمازيغ، و المتميز بوجود آثار جينية خارجية إلى جانب أصول محلية إيبيرو مورية (ibéromaurusienne) طاغية تمت عبر مصر و ليبيا و تونس ثم الجزائر.
إن فترة ظهور العصر الحجري الحديث في باقي البلدان المغاربية غير ممثلة في الخريطة لنقص المعلومات حسب مصدر المنشور ، و لكن هناك بعض المحاولات التي أسفرت عن تحديد تواريخ أقل من نظيرتها في المغرب.
حتى و لو فرضنا وجود هجرات من الشرق نحو المغرب الكبير عبر السواحل الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط ، فإن الفترة الزمنية القصيرة نسبيا بين ظهور العصر الحجري الحديث في مصر القريبة من منطقة الهلال الخصيب و ظهوره في المغرب، يبين أن انتشار العصر الحجري الحديث في المغرب كان سريعا جدا و بوتيرة منتظمة، و تم عبر أوروبا بالتزامن مع الهجرات المحتملة عبر مصر و ليبيا و عليه فإن الهجرات من الشرق و الأناضول عبر أوروبا شبه مأكدة، و تثبتها آثار الثقافة الكارديالية ، و يبقى على أصحاب الرأي المدافع عن الهجرات عبر افريقيا أن يؤكدوا رأيهم أنثروبولوجيا أو أركيولوجيا أو تاريخيا.
مصدر الخريطة:
https://books.openedition.org/editionscnrs/28482