الزليج المغربي فن وإبداع على مرَّ العصور
تخلق من شيء جامد منتوجا ناطقا بالحيوية نابضا بالحياة فذاك هو الإبداع والفن، وأن تحول طيناً أو صلصالاً ميتاً لا حراك فيه إلى قطع فنية تشع بالجمالية الفريدة في الصياغة والتشكيل فذلك هو فن الزليج وصناعة الفخار والخزف.
وليس هناك على ما يبدو بلد مثل المغرب عرف تطور هذا الفن الثراثي الأصيل وحافظ عليه وعلى كنهه الخاص…لقد عرف فن الزليج «أو القشاني عند أهل المشرق العربي» أو الفخار المزلج أي المموه رواجاً ظاهراً في عصر الدولة العلوية على النحو الذي بدأت مسيرته الكبرى منذ عصر الدولة المرينية، وهو الآن يؤدي دوراً بارزاً في الحياة الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية في المغرب.
للزليج المغربي مكانة خاصة في المعمار العربي والإسلامي، فهو الصنعة التقليدية التي حافظت على أصالتها وفنيتها رغم التطور الكبير الذي شهده المعمار، وهذه الخصوصية تستمد قوتها وجماليتها من التراث وجودة المواد التي يعمل بها الصانع التقليدي لإخراج قطع الموازييك في حلتها البهية.
تعد مدينة فاس العريقة الموطن الأصلي لهذه المادة العجيبة التي تستقطب اهتمام الفنانين التشكيليين والمهندسين المعماريين وعشاق التراث والأصالة ليقفوا على عبقرية الصانع المغربي وخصوصية هذه الصناعة، التي تجعل من قطع الطين تحفا تضاهي أنفس المعادن.
صناعة الزليج
يؤخذ الطين ويخلط في جفنة كبيرة تدعى «الزبى» وبعد عجنه يستعين الصانع بأدوات مساعدة تنتج له الأشكال الهندسية المختلفة (مربعات، مثلثات ومستطيلات) تدخل إلى الفرن لتأخذ شكلها الأول ثم تخرج وتصبغ ثم تعاد مرة أخرى للفرن لتأخذ الشكل النهائي، وتأتي المرحلة الدقيقة وهي تركيب كل هذه النماذج بشكل متناسق وبديع على الجدران من قطع الزليج المتنوعة والملونة التي تتراوح ألوانها عادة بين الأزرق المائل للخضرة أو البنفسجي أو الأسود الفاتح والكستنائي أو الأصفر أو الأحمر، وقد يكون أشكالا عديدة مثل المثلث والمعين أو المربع المنحني أو متوازي الأضلاع، يتم تشكيل هذه القطع بحذر باستعمال القطع، التي تجمع على شكل نجوم أو أرابيسك أو أغصان ورود.
استعمالات الزليج
تقدم رسوم وألوان هذه القطع الصغيرة من الزليج تنوعا لا متناهيا من الأشكال التي قد توحي لنا بالقمر أو الشمس أو سماء تتلألأ بالنجوم، ومن المثير أن كل هذه القطع تجمع بالمقلوب وتثبت بالإسمنت والجير لنحصل على لوحات من الفسيفساء التي تزين حيطان القصور والمساجد والأعمدة والأحواض والنافورات.
الزليج ديكور لكل البيوت
لم يعد الموزاييك مقتصرا على الحيطان والأعمدة بل أصبح الصانع المغربي يوظفه كثيرا في ديكور البيت أو حتى المدخل، ولا يمكن أن يخلو بيت مغربي راق من هذا الموزاييك في النافورات أو كديكور يواكب ديكور البيت ككل، ويمكننا اليوم اقتناء حتى كراسي وصحون مبتكرة صنعت من قطع الموازييك بألوان مبتكرة.
الزليج المغربي عبر العالم
ينافس الزليج المغربي الأصيل كل ديكورات الفن المعماري ويعرف إقبالا كبيرا من دول عربية كثيرة أهمها الأردن ومصر والسعودية، كما يغزو أرقى الفنادق لأنه ينفرد بجودة مميزة ويكمن تميزه في كونه كلما تقادم ازداد جمالية وفنا.
كيفية الاعتناء بالزليج
ـ للمحافظة على رونق الزليج يمكنك تنظيفه بقطعة قماش مبللة بالماء الفاتر، والابتعاد نهائيا عن استعمال المنظفات الكيميائية لأنها تتلفه وتبهت الوانه.
ـ ينصح بإبعاد طاولات الحديقة وكراسيها المطعمة بالموزاييك عن أشعة الشمس المباشرة وقت الظهيرة للحفاظ على جودتها.
ـ حاولي عدم وضع الكثير من التحف الثقيلة على اسطح الطاولات أو الارفف المصنوعة من الموزاييك منعا لحدوث أي تشقق لهذه الاسطح.
وحتى الآن لا تزال جميع المؤسسات الرسمية والبنايات المتعددة وقصور ودور متوسطي الحال وجميع الفنادق وباقي المنشآت العامة محتفظة لفنون الزليج بمكانتها التاريخية فنياً ومعمارياً، سواء بالواجهات الخارجية أو داخل تلك العمائر في الجدران السفلى التي يعلوها فن الجص ثم الأخشاب المنقوشة بالأسلوب المحلي.. ومن دلائل رواج ذلك الفن الأصيل في العصر العلوي بالمغرب وحركته الدائبة نحو تصدير الصناعة ومنتجاتها الفنية إلى الخارج ما ذكره المؤرخون أن صانعاً فاسياً «من مدينة فاس العلمية» اسمه عبد الكريم الزريح الفاسي قاد في القاهرة فن هذه الصناعة منذ ذلك التاريخ، وامتاز مصنعه بإنتاج تربيعات الزليج، وكذلك صناعة مختلف أشكال الأواني الخزفية. وفي زمننا الحالي، فإن أبرز شاهد على أن الزليج المغربي صار سفيراً متجولاً يمثل الفن التطبيقي للحضارة المغربية هو المسجد الكبير في الكويت الذي تمتلئ جدرانه الداخلية بأنواع مزركشة الألوان والأصناف من الزليج المغربي.
واخيرا ليس الاخر ، الخليج البلدي، الفسيفساء بالفصحى، هو صناعة قديمة بالمغرب قبل الفتوحات الإسلامية، لما دخلوا الرومان إلى شمال أفريقيا كانوا يشيدون قلاعهم كمدينة وليلي ولكسوس وشالة وبعض المدن بالشمال التي دمرت ولم يبقى لها أثر كانوا يزينون بيوتهم وكنائسهم بفسيفساء ،قطع من الرخام صغيرة ويشكلون أشكال هندسية رائعة ، وفي ذلك العصر بدأ المغاربة الأولون يقلدون صناعة الفسيفساء بقطع من الفخار شيئا فشيئا بدلوا جهدا كبيرا وأصبح الفسيفساء المغربي يغزو القصور والمساجد والرياض، الزليج البلدي موجود بالكتبية وحسان وشالة هم اقدم من الخرلدا باسبانيا ، شعارنا الله الوطن الملك من طنجة حتى الكويرة اقدم امباطورية في العالم.