عادل بن حمزة ، محلل سياسي
كشفت المشاركة المغربية التاريخية في كأس العالم 2022 بقطر، الارتباط الكبير لأجيال الجالية المغربية بالخارج بوطنها الأم، بل إن إنجازات المنتخب الوطني لكرة القدم، تجاوزت سقف الرياضة، لكي تتحول إلى عامل دفع كبير لتعزيز الهوية المغربية في تعدديتها وارتباط أجيال من المهاجرين بالوطن الأم. حضور الحالية لم يكن فقط من مواقع المشجعين بل أيضاً على مستوى تركيبة المنتخب المغربي، إذ إن أغلبية اللاعبين، إضافة إلى الناخب الوطني، ولدوا في بلاد المهجر ويمثلون الجيل الثالث والرابع، هنا يبرز السؤال: هل تتمتع الجالية المغربية بكل حقوقها المدنية والسياسية والتي تعتبر مستوى أساسياً من مستويات ارتباط الحالية بوطنها؟
خلد العالم اليوم العالمي للمهاجر يوم 18 كانون الأول (ديسمبر) 2022، وفي المغرب يصادف اليوم الوطني للمهاجر العاشر من آب (أغسطس) كل سنة، وهو كعدد من الأيام في البلاد، إذ تحول إلى ما يشبه رفع العتب، فمنذ إقراره كان فقط مناسبة للقيام بسياسة للعلاقات العامة تريد أن تخبر الناس بأن الدولة، كما تهتم بمواطني الداخل، فإنها تملك الاهتمام نفسه بمهاجريها في باقي بلاد الدنيا. يقدر تعداد مغاربة العالم على الأقل بأزيد من 5 ملايين نسمة، موزعة على 80 دولة حول العالم ومسجلة على صعيد 124 نقطة قنصلية، يزيد عددها بمعدل متوسط يبلغ 240 ألف مهاجر سنوياً، وباعتماد الإسقاطات المستقبلية؛ فإن تعداد أفراد الجالية يتجه نحو بلوغ أكثر من 11 مليون مغربي يقيمون في الخارج في حدود عام 2030، وقد شهدت السنوات الأخيرة عودة قوارب الموت إلى المتوسط وتصاعد موجة الهجرة السرية إلى الفردوس الشمالي، حيث أظهرت بيانات إسبانية أن المغاربة على رأس المهاجرين السريين ممن يقصدون الجنوب الإسباني، وإن كانت هذه الظاهرة تراجعت كثيراً بالنظر إلى عوامل عدة، غير أن المغرب لم يعد فقط معبراً للمهاجرين من جنوب الصحراء، بل أصبح بلد استقرار لعدد من المهاجرين، خاصة من غرب أفريقيا ووسطها.
موضوع الجالية المغربية في الخارج يثير أساساً مسألة حقوقهم المدنية والسياسية، وهي حقوق ظلت في دائرة العدم بسبب غياب الإرادة السياسية، بحيث تعود الأصوات نفسها إلى صياغة المبررات والتبريرات ذاتها، لجعل هذا الحق معلقاً في الهواء، على خلاف ما جاء به دستور 2011 في المادة 17 منه، والتي تنص صراحة على ما يلي: “يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح …”. وزير الداخلية السابق حصاد اعتبر إحداث دوائر للجالية في مختلف مناطق العالم، كما جاء في مقترح قانون قدمه حزب الاستقلال بمجلس النواب في الولاية السابقة، يعتبر مخالفاً للدستور الذي ينص على اللوائح المحلية والجهوية والوطنية، وخلفية هذه القراءة النصية لا تميز بين الدول التي تحتضن الجالية، والجالية المغربية ذاتها، فإجراء الانتخابات بالنسبة للجالية لا يرتبط بالتراب، بل يرتبط بحقوق المواطنة الكاملة، وأن التصويت سيتم ببساطة في المراكز القنصلية للمملكة، والتي تعتبر من مشمولات التراب الوطني في القانون الدولي، سواء بالحضور المباشر أو عن طريق البريد، وذلك على غرار باقي الدول في العالم التي تضمن لمواطنيها حقوقهم المدنية والسياسية بغض النظر عن مكان إقامتهم. فضلاً عن ذلك، فالمشاركة السياسية للجالية، يرتبط بالحقوق السياسية والمدنية التي لا تسقط سوى بأحكام قضائية نهائية، لهذا لا يمكن تصور إسقاط هذه الحقوق عن ملايين المغاربة بمبررات واهية، وهي حقوق لا تسقط سوى بأحكام قضائية كعقوبات(…). المؤسف هو تبرير ذلك من قبل البعض بنصوص دستور قدم للعالم على أنه دستور من الجيل الجديد، انتقل من جيل دساتير فصل السلطات إلى دساتير صك الحقوق.
للتذكير فقط فإن أول سائح في المغرب هم مغاربة العالم، بحيث يمثلون ثلث الحجوزات في الفنادق المصنفة، ويساهمون بأكثر من ملياري أورو فى الاقتصاد والسياحة في المغرب، كما أن الناتج الداخلي الخام للجالية المغربية المقيمة بالخارج هو 208 مليارات دولار سنوياً باعتماد متوسط الدخل في بلدان الإقامة، وهو ما يشكل ضعف الناتج الداخلي الخام للمغرب والذي هو في حدود 104 مليارات دولار سنوياً، والذي يحققه 35 مليون مغربي، ورغم كل ذلك، فإن مواطنة الدياسبورا المغربية تبقى موقوفة التنفيذ…!
تصوروا مثلاً أن حكيمي وزياش وبونو والنصيري ومزراوي وبوفال وأوناحي وسايس وأغرد وأمرابط وغيرهم لا يملكون لا حق التصويت ولا حق الترشيح؟