كشفت عائشة الدويهي رئيسة مرصد جنيف الدولي للسلم، الديموقراطية وحقوق الانسان، عن تقرير مرصد جنيف الدولي، حول أوضاعحقوق الإنسان بمخيمات تندوف ما بعد الجائحة، وهو التقرير الذي امتد على مدى ثلاث سنوات من الاشتغال الدقيق.
جاء ذلك خلال تقديم الدويهي، بجنيف، للندوة الدولية على هامش الدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، امس الجمعة، تحت عنوان“توفير الحماية للاجئي مخيمات تندوف ومسؤولية الدولة الجزائرية“.
الندوة التي عقدت بالشكل مختلط، بين الحضوري وعن بعد، عرفت حضور عدد من المنظمات غير الحكومية والمهتمين والمدافعين عن حقوقالانسان كما كان بالموازاة حضور مكثف للصحفيين والمنابر الإعلامية عبر تقنية التناظر عن بعد بواسطة تطبيق الزوم، حيث تم تأمين عبرهذه المنصة الالكترونية الترجمة في الاتجاهين لثلاث لغات الإنجليزية، العربية والفرنسية وذلك من أجل تسهيل التواصل مع المشاركين فيالندوة من الصحفيين من دول عدة.
انطلقت الندوة بتقديم عرض موجز عن تقرير المرصد، ركزت فيه، عائشة الدويهي، على أهم المحاور التي شملها وعن ضرورة تخصيص جزءخاص بشرح الوضعية الشاذة لمخيمات تندوف وعن حالة الفوضى القانونية التي تسير بها هذه المخيمات بعيدا عن قواعد القانون الدوليوعن مسؤولية البلد المضيف الجزائر قبل التطرق لوضعية الحقوق المدنية والسياسية التي لا يمكن وصفها الا بالكارثية والتي ازدادت تردياوخصوصا بعد عودة البوليساريو لحمل السلاح مخلفة انعداما امنيا على مستوى المخيمات وفي تهديد للأمن والسلم بدول الجوار. كما تم،من خلال التقرير، تخصيص محور ثاني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لتشخيص التحديات التي تواجه الحق في الصحة والغداءوالخدمات المرتبطة بإعمالهما نظرا لتملص البلد المضيف من التزاماتها وفقا لاتفاقية جنيف للاجئين وترك المخيمات بعيدة عن المخططاتالتنموية والتورط في نهب وتحويل المساعدات الإنسانية وعرقلة عمل المفوضية السامية للاجئين من أجل الاشراف المباشر على شبكاتالتوزيع وعدم اجراء إحصاء للساكنة. في جزء أخير تناول الرصد الحقوق الفئوية عبر الملفين الحارقين للانتهاكات الواسعة النطاق التي تطالالأطفال والنساء داخل المخيمات والمستمرة على مدى قرابة الخمسة عقود والتي ترقى في بعضها الى جرائم حرب وتستدعي فتح تحقيقاتكجرائم لا تقبل التقادم.
وفي نفس السياق، طرح موقع “جسر بريس” في شخص الزميل عزالدين السريفي الذي حاضر ندوة صحفية عبر تقنية التناظر، “ثلاثاسئلة” على رئيسة المرصد حيث قالت على ضوء ما سلف، من اللازم أن تقر الأمم المتحدة بالدور المهيمن والرئيسي لدولة الجزائر في هذاالنزاع المفتعل، وتبعث لجانها الأممية للوقوف على الخروقات المقترفة في مخيمات تيندوف، وتحملها المسؤولية السياسية على ما تقترفه جبهةالبوليساريو في حق الاطفال، إضافة إلى مجموعة من الانتهاكات التي تصلنا أصداؤها بين الفينة والأخرى، وتحميل الجبهة المسؤوليةالجنائية فيما يقترفه قادتها، فهذه السلوكيات لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال بضرورات المقاومة أو الدفاع عن شعب، فكل المبرراتالتي يسوقونها لا يمكن أن يستسيغها عقل سليم، ولابد من إعمال القانون الدولي الإنساني في مثل هذه الحالات.
وأكدت ، ان جبهة البوليساريو اليوم تقتات من المساعدات الدولية، تحظى بالاحتضان السياسي والعسكري، الذي تؤمنه لها الجارة الشرقيةالجزائر للأسف، ضمن حسابات سياسوية بين البلدين، عمرت أكثر من خمس عقود، ويجر الشعبين ويلاتها، ويبدو أن الجزائر متورطة فيإخفاء العديد من الجرائم التي ترتكبها جبهة البوليساريو في حق المحتجزين بمخيمات تيندوف، بما في ذلك التجنيد القسري للأطفالالصحراويين، وحماية قادة الانفصاليين من المتابعة القانونية.
للتوسع في النقاش، تفاعلت كريمة غانم، رئيسة المركز الدولي للدبلوماسية، مع اسئلة الزميل السريفي ، حيث تطرقت الى مسؤولية البلدالمضيف دولة الجزائر بموجب القانون الدولي الانساني واتفاقية جنيف للاجئين تجاه ساكنة مخيمات تندوف واصفة الوضع بالاستثنائيوغير المقبول والذي لا يخضع لقواعد القانون الدولي وخصوصا اتفاقية جنيف للاجئين وشروطها في غياب تام لأبسط شروط الحماية بدءا منتفويض كامل لكل صلاحيات البلد المضيف وتنازل كلي لكل الاختصاصات مرورا حجب المخيمات عن أعين الرقابة الدولية، وتوفير الحصانةالتامة لقيادة جبهة البوليساريو، من أجل تدبير وتسيير المخيمات ووضع مصير ساكنة بين أيدي مجموعة مسلحة تهدد بين الفينة والأخرىبحمل السلاح وتبتز المنتظم الدولي وتتاجر إنسانيا بها من أجل جمع المساعدات الإنسانية، معتمدة في ذلك على بسط سيطرتها علىالفضاء العمومي، واستباحة الحقوق ومصادرة الحريات لكل من حاول الخروج عن الاجماع ومعارضة فكرها والخروج عن ايديولوجيتها،لتصبح بذلك هذه المخيمات مرتعا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في غياب تام للبلد المضيف دولة الجزائر، والتي هي مسؤولة عنحماية ساكنة مخيمات تندوف والسلطة المناط بها التحقيق في كل انتهاك يمارس على ساكنة فوق نطاقها الترابي.
من جهته، تناول زهير اليوبي، رئيس جمعية تقارب للثقافات، عن ذلك الواقع الملغوم بمخيمات تندوف في غياب ابسط شروط اللجوء، من بطاقةلاجئ وإحصاء للساكنة وحرية تنقل وتعبير، كما أكد أن عودة جبهة البوليساريو لحمل السلاح وتملصها من اتفاقية وقف اطلاق النار لسنة1991، محطة جديدة من التردي لحقوق صحراويي مخيمات تندوف بسبب ذلك التصاعد المقلق للانتهاكات والتهديد الخطير لسلامة ساكنةالمخيمات مع غياب الأمن المخيف وانشغال القيادة بصراعاتها الداخلية حول السلطة والمال، ليضع في الأخير سؤال حماية هذه الساكنةوالتي تتحمل فيها دولة الجزائر كبلد مضيف كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية أمام التزاماتها الدولية ذات الصلة.
التفاعل مع الندوة تم بشكل تبادلي بين المشاركين حضوريا وعبر تطبيق الزووم، والذين فتحوا النقاش حول مواضيع وملفات حارقة، كملفالاختفاء القسري وانتهاكات حقوق الأطفال وتجنيدهم، وحول ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف وعن مدى جديةمشروع المصالحة المعلن عنه من طرف جبهة البوليساريو، وشكل النقاش حول مسؤولية الجزائر فيما يقع فوق نطاقها الترابي من طرف قادةالبوليساريو حيزا مهما.
في أخر الندوة تم تجميع كل التوصيات والمناشدات لوقف نزيف انتهاكات حقوق الانسان داخل مخيمات تندوف، وضرورة تحمل الجزائرمسؤولياتها ذات الصلة من خلال اصدار “اعلان جنيف لمرصد جنيف الدولي لحقوق الانسان للدورة 52″.