قال أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، إن المغرب يربطه تعاون أمني قوي بالولايات المتحدة في التحالف ضد الإرهاب، وهناك شراكة متقدمة في الميدان العسكري بوصفه حليفاً استراتيجيا من خارج حلف الناتو، كما تربطه اتفاقية للتبادل الحر وحوار استراتيجي رغم أنه توقف منذ 2015، وهذه الجوانب كلها هي ما يفسر ولو جزئياً التنويه الأمريكي بالدور المغربي الداعم للاستقرار في الشرق الأوسط وفي إفريقيا.
وأبرز نور الدين، في حواره مع “الأيام 24″، أن هذه المكانة التي حققها المغرب ليست وليدة هذا التعاون الثنائي فقط مع واشنطن، بل هي نتيجة للدور التاريخي الذي لعبه ولازال في الحوار والمصالحة بين الفلسطينيين والدولة العبرية منذ عقود، وذلك بطلب من الطرفين، نظراً للعلاقة الخاصة التي تربطه بالجانبين، وهذا ما تؤكده الشهادات الموثقة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ولخلفه محمود عباس بل وحتى لقيادات المعارضة مثل إسماعيل هنية أو خالد مشعل.
وأضاف المتحدث نفسه، أن الدعم المستمر لصمود الشعب الفلسطيني عبر وكالة بينت مال القدس وعبر الدعم الميداني لقطاع غزة سواء في البنيات التحتية والمؤسسات أو من خلال البعثات الطبية وغيرها من أوجه الدعم الملموس البعيد عن البهرجة والشعارات. مضيفا “لا ننسى أيضاً المشاركة البطولية والمشرفة للجيش المغربي في حرب أكتوبر 1973 إلى جانب الدول العربية لتحرير فلسطين. وهذا ما صنع للمغرب رصيدا وثقة”.
وأشار نور الدين إلى أن “دور المغرب في الشرق الأوسط لا يقف عند القضية الفلسطينية، بل يتعداها إلى الحضور المغربي القوي إلى جانب دول الخليج في مختلف الأزمات التي مرت منها المنطقة”، مشيرا إلى أن “المغرب ساند العراق في حربه ضد إيران التي كانت ترفع شعار “إعادة فتح مكة” مع ما يحمله من شحنة تكفيرية وطائفية واضحة، كما وقف إلى جانب العربية السعودية في مواجهة الغزو العراقي للكويت”.
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية، أن المغرب “دعم الإمارات في مطالبها لاسترجاع جزر أبي موسى وطنب الكبرى والصغرى، وقطع علاقاته مع إيران سنة 2009 بسبب تهديدها للبحرين، ودعم التحالف العربي والحكومة الشرعية اليمنية في مواجهة التغلغل الإيراني بواسطة تنظيم الحوثيين، وقام بالوساطة بين قطر وجيرانها الخليجيين، بالإضافة إلى حضور المغرب في دول الخليج في قطاعات التعليم والقضاء والأمن والجيش والبنوك والخدمات والثقافة والتراث، وغيرها”.
من خلال كل هذه الأدوار الممتدة على مدى عقود، أوضح نور الدين، أن المغرب أصبح مخاطباً موثوقاً به لدى كل الأطراف في الشرق الأوسط، وبالتالي فرض نفسه كوسيط يحظى بالمصداقية وبإمكانه أن يجمع ولا يفرق وأن يكون جزءاً من الحل وليس من المشاكل. موضحا أنه “بهذه المقاربة كسب المغرب ثقة الفرقاء الليبيين أيضاً الذين اختاروا بمحض إرادتهم أرض المغرب لعقد لقاءاتهم التي أفضت إلى اتفاق الصخيرات، وما تلاها من لقاءات في بوزنيقة وطنجة. وربما ستكون الرباط محطة لفك عقدة تنظيم الانتخابات المتعثرة منذ دجنبر 2021. والثقة عنصر أساسي في العلاقات الدولية عموماً وفي الوساطة لحل الأزمات بوجه الخصوص”.
وبالنسبة لدول الساحل والصحراء، يُبرز المتحدث عينه، فقد برهن المغرب من خلال أجهزته الأمنية على معرفة دقيقة بالنزاعات في هذه البطن الرخوة من العالم، حيث يختلط الإرهاب بالجريمة الدولية العابرة للحدود، بشبكات الهجرة غير النظامية، مع تجارة السلاح ثم اخيراً دخول المرتزقة الدوليين على الخطّ، وعلى راسهم شركة “فاغنر” الروسية.
وفيما يتعلق بالحديث الذي دار بين وزير خارجية المغرب والولايات المتحدة حول الحرب الروسية الأوكرانية، أوضح نور الدين، أنّ “الأمر يتعلق بكيفية امتصاص التداعيات السلبية لتلك الحرب خاصة على مستوى الأمن الغذائي والطاقي لكثير من الدول العربية والإفريقية”، لافتا إلى أن “هذا ما يهم المغرب في الموضوع علماً أن الرباط اختارت الحياد في هذا النزاع دون التفريط في مبدأ احترام سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها”.
وأشار الخبير نفسه إلى أن “المغرب من خلال تحكمه في الأسمدة والمُخصّبات الزراعية يمكنه أن يلعب دوراً طلائعياً في تحقيق السيادة الغذائية للقارة الإفريقية وأن يعوض الأسمدة الفوسفاتية الروسية التي كانت تغطي نسبة كبيرة من حاجيات القارة السمراء وربما خارج القارة ايضاً”.