بالذخيرة الحية أطلق الجيش الجزائري مناورات جديدة، تحديدا بالمنطقة العسكرية الثالثة والقطاع العملياتي الجنوبي، المعروفين بوجودهما ببشار وتندوف، المتاخمتين للحدود المغربية الشرقية؛ وذلك قبل أحد عشر يوما على انطلاق مناورات “الأسد الإفريقي”.
وسائل الإعلام الجزائرية تناقلت صور المناورات، التي شملت “وحدة الفرقة 40 للمشاة الميكانيكية ومختلف الوحدات العسكرية الأخرى، باستخدام مختلف الأسلحة قصيرة ومتوسطة المدى، مع استعمال الذخيرة الحية.
في المقابل، قالت وزارة الدفاع المحلية، إن “التمرين التكتيكي نفذته وحدات الفرقة 40 للمشاة الميكانيكية مدعومة بوحدات من مختلف القوات والأسلحة”.
كما نشرت وزارة الدفاع الجزائرية معطيات حول التمرين الذي نفذته بمدينة تندوف، والذي شمل “الوحدات العضوية للواء التاسع المدرع مدعومة بالقوات البرية والجوية، وحوامات الإسناد الناري”، معتبرة في بلاغ لها أن “التمرين كان ناجحا وأبان عن استعداد وحدات الجيش في المهام القتالية”.
ودأب الجيش الجزائري خلال الفترة الماضية على تنفيذ مناورات وتمرينات عسكرية بالذخيرة الحية قرب الحدود المغربية، بغايات استفزازية خاصة في سياق التوتر السياسي والتصعيد العسكري الذي تعرفه المنطقة.
تأتي هاته المناورات العسكرية الجزائرية قبيل انطلاق مناورات “الأسد الإفريقي”، وحصول المغرب على أسلحة أمريكية اعتبرتها عديد من التقارير بـ”الفتاكة”؛ أبرزها صواريخ “هيماريس”، إلى جانب تزايد التنسيق العسكري الاستخباراتي بين تل أبيب والرباط.
الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية، أحمد نور الدين، يرى أن الأمر لا يتعلق بمجرد رسالة، بل هي استفزاز آخر ضمن سلسلة الاستفزازات التي يقوم بها النظام العسكري الجزائري لجر المغرب إلى حرب إقليمية مفتوحة وشاملة يظن الجنرالات الجزائريون أنها المخرج الوحيد من مأزق الجزائر الحالي ومشاكلها المركبة والمتراكمة والتي تعقدت بحيث يصعب أن يوجد لها حل آخر غير تغيير النظام الذي تكلست مؤسساته وشاخت نخبه وسقطت أيديولوجيته.
ويقول نور الدين في تصريح صحفي، إن “فشل “العصابات الحاكمة”، حسب تعبير الحراك الشعبي الجزائري، في إيجاد أرضية للحوار مع المعارضة السياسية للخروج من الاحتباس السياسي، غير خاف على كل متابع للوضع في الجزائر”، مضيفا “هؤلاء فشلوا في إقناع الشعب بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الماضية التي سجلت أدنى نسب منذ نشأة الجزائر سنة 1962، حيث لم تتجاوز سقف ٪27 رغم مشاركة أفراد الجيش في التصويت، وعجزت كذلك عن تحمل أصوات صحافيين مستقلين فزجت بحوالي 300 صحافي في السجون وأغلقت منابرهم الإعلامية، وعجزت عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم من زيت وحليب وخبز”.
أمام هذا الفشل، لجأت “العصابة الحاكمة في الجزائر، وفق الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية، إلى تعبئة الشعب ضد العدو الخارجي المغربي الذي اتهمته تارة بإشعال الحرائق في غابات تيزي وزو، وتارة باحتضان حركة القبائل التي تطالب بالاستقلال عن الجزائر، علما أن مقر هذه الحركة وحكومتها المؤقتة يوجدان في باريس و ليس في الرباط، واتهمت الجزائر المغرب باحتضان حركة رشاد المعارضة، رغم أن قادتها يقيمون في سويسرا و بلجيكا و فرنسا، والقائمة طويلة، وصولا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المجال الجوي بعد سنوات من إغلاق الحدود البرية، والاعتداء على الأراضي المغربية في واحة العرجة قرب مدينة فكيك في مارس 2021، تلاه الاعتداء الهمجي جسديا على فريق اليافعين المغاربة لكرة القدم الذين شاركوا في نهائي كأس العرب للناشئين في سبتمبر 2022 بمدينة وهران الجزائرية…”، مردفا “نحن إذن أمام سلسلة من الأعمال العدائية التي تهدف إلى جر البلدين لمواجهة مفتوحة”.
ويؤكد المثحدت ذاته، أن هذه هذه المناورات ليست وحيدة، فقد تعددت وتكررت خلال السنوات الأخيرة وبنفس الأسلوب المستفز، أي مناورات على التماس مع الحدود المغربية وبالذخيرة الحية وترافقها تصريحات عدوانية ضد المغرب من قادة الجيش ومسؤولين سياسيين، ومصادقة الدولة الجزائرية على ميزانية 22 مليار دولار خفضتها بعد ذلك نحو 18 مليار دولار كميزانية للجيش للسنة الجارية 2023، وهي بكل المقاييس ميزانية للحرب وليست للدفاع.
وخلص نور الدين للإشارة إلى أنه إضافة إلى هذه المؤشرات التي تؤكد قرينة سعي الجزائر إلى الحرب ضد المغرب وبكل الوسائل، هناك الكثير من مراكز الدراسات الدولية ومنها مركز “الكانو” الاسباني الذي كان قد دعا الحكومة الاسبانية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة للحيلولة دون قيام الجزائر بإشعال الحرب لان إسبانيا و جنوب أوروبا سيكونان من أكبر المتضررين أمنيا واستراتيجيا واقتصاديا من تلك الحرب. مبرزا أن هذا التحذير من المركز الملكي الاسباني للدراسات الاستراتيجية يعزز جدية الأراء التي تقول بسعي الجزائر نحو إشعال الحرب، بل إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اعترف بذلك في حديثه مع جريدة “لوفيغارو” الفرنسية حين قال بأن قطع العلاقات مع المغرب في غشت 2020 كان الخيار المطروح على الطاولة إلى جانب الحرب، والإعتراف سيد الأدلة كما تقول القاعدة القانونية، وفق تعبير المتحدث.