اتفقت البرتغال والمغرب على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، على أساس معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون بين البلدين الموقعة في ماي 1994، وأدوات التعاون والحوار التي جعلت من الممكن إقامة قاعدة قائمة على أسس متينة لتنمية العلاقات الثنائية بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية، وفقا لما جاء في الإعلان المشترك الذي توج أشغال الاجتماع المغربي البرتغالي رفيع المستوى، في دورته ال 14، المنعقد اليوم الجمعة في لشبونة.
وذكر الإعلان المشترك أنه بعدما نوه البلدان بالعمق الذي يميز حوارهما السياسي والطبيعة الاستراتيجية لعلاقاتهما، أكدا رغبتهما في تعميق وتوسيع شراكتهما بهدف إرساء حوار دائم وملموس ومفيد للطرفين على أساس مبادئ احترام استقلالها وسيادة أراضيهما والصداقة وحسن الجوار والتسوية السلمية للنزاعات.
وأضافت الوثيقة أن البلدين اتفقا على إنشاء مجلس شراكة، برئاسة وزيري خارجية البلدين، والذي سيكون بمثابة إطار للحوار والتشاور حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، ويمكن أن ينفتح على مشاركة وزراء آخرين.
وأكد المصدر أن المغرب والبرتغال يرحبان بغنى وتنوع تعاونهما الثنائي في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، من قبيل الثقافة والاقتصاد والتجارة والدفاع والعدالة والأمن الداخلي والتمويل، والتنمية المستدامة والعلوم والتكنولوجيا والتعليم العالي والحماية الاجتماعية، وكذا الأمن والصحة وحماية البيئة والبنية التحتية والإسكان والفلاحة والصيد.
يذكر أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ترأس إلى جانب الوزير الأول البرتغالي، أنطونيو كوستا، اليوم الجمعة، أشغال الاجتماع المغربي البرتغالي رفيع المستوى الـ14.
ويضم الوفد المغربي كلا من نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، ويونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات،وفاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وعبد اللطيف الميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الابتكار.
كما يتكون الوفد المغربي من ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ومحمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك، ومحمد مهدي بن سعيد، وزير الشباب والثقافة والاتصال، ومحسن الجازولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية.
وعلى هامش هذا الاجتماع، عقدت أشغال المنتدى الاقتصادي البرتغالي-المغربي، وذلك تحت شعار “المغرب والبرتغال: معا لبناء اقتصادات مزدهرة ونمو مشترك”.
وعرف هذا المنتدى، مشاركة رؤساء الاتحاد العام لمقاولات المغرب واتحاد الأعمال البرتغالي، والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، والوكالة البرتغالية للاستثمار والتجارة الخارجية، وفاعلين اقتصاديين ورجال أعمال مغاربة وبرتغاليين ينشطون في عدة مجالات.
وفي المقابل ، تُتابع جبهة البوليساريو الانفصالية والدول الداعمة لها، أشغال المنتدى الاقتصادي البرتغالي-المغربي، الذي انطلق اليوم الجمعة، بكثير من الريبة والجزع، وفق ما عبّر عنه ممثّل لها الذي عبر عن خيبة أمله في حال الخوض في ملف الصحراء المغربية خلال المحادثات التي تجمع رئيسا وزراء البلدين، وذلك في وقت قرّر المغرب والبرتغال رفع شراكتها إلى “مستوى الشراكة الإستراتيجية والتنسيق الدائم بشأن المسائل ذات النطاق الثنائي والإقليمي والوطني الدولي”.
وبثّت القمة رفيعة المستوى المنعقدة بلشبونة تحت شعار “المغرب والبرتغال: معا لبناء اقتصادات مزدهرة ونمو مشترك”، مخاوف الجبهة الانفصالية وداعميها من دول الجوار بمن فيهم الجزائر، حسب المصدر ذاتها الذي تحدّث لوكالة الأنباء البرتغالية “لوسا” للتعليق على الاجتماع الرابع عشر البرتغالي المغربي رفيع المستوى الذي انطلقت أشغاله صبيحة اليوم الجمعة.
وحذر ممثل الجبهة الانفصالية، في حديثه لوكالة الأنباء الرسمية للبرتغال، من مخرجات الاجتماع رفيع المستوى بين البرتغال والمغرب والذي يحضره مسؤولون حكوميون من الجانبين موردا “المنطقة المغاربية وخاصة الصحراويين والموريتانيين والجزائريين سيتابعون هذا الاجتماع باهتمام كبير وسنستخلص منه النتائج التي تحدد مستقبل العلاقات البرتغالية المغربية”.
وتزامنا مع انطلاق أشغال القمة المغربية البرتغالية، راسل المصدر ذاته اليوم الجمعة وكالة أنباء لشبونة “لوسا”، باسم جمعية مدنية تُدعى الصداقة البرتغالية والصحراء “الغربية”، حذر من خلالها حكومة لشبونة، من الخوض في موضوع الصحراء المغربية مع الجانب الحكومي المغربي ضمن جدول الأعمال.
وتصبو الرباط ولشبونة، خلال هذا اللقاء الذي لم يرُق البوليساريو والدول الداعمة للطرح الانفصالي، إلى تعزيز “شراكة إستراتيجية بين البلدين، مستمدة من الروابط التاريخية التي تؤهل رفع علاقات الشراكة إلى مستويات استراتيجية متينة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي”.
ويركز الاجتماع رفيع المستوى، على مجالات المعرفة والتماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، إلى جانب مواضيع مثل الربط الكهربائي وتنقل العمالة، كما سيتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات لتعزيز العلاقات الثنائية، وفي نفس اليوم، سيكون هناك منتدى اقتصادي.
وما تغاضت عنه الجبهة الانفصالية في مراسلتها للشبونة هو موقف البرتغال من ملف الصحراء المغربية، المثمن لطرح الرباط باعتباره “الأكثر جدية ومصداقية” لتسوية الخلاف المفتعل، والدفع بمسلسل تسوية هذا النزاع الإقليمي إلى الأمام، على حد تعبير وزير الخارجية البرتغالي، أوغوستو سانتوس سيلفا، عقب مباحثاته مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في 2020 وهو الموقف الذي لم يتغير أو يتزحزح من مكانة طيلة الثلاث سنوات الماضية.
من جهة أخرى، أثمر اجتماع رئيسا وزراء البرتغال والمغرب اليوم الجمعة في لشبونة توقيع 13 اتفاقية تعاون تهدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وترأس أنطونيو كوستا ونظيره المغربي عزيز أخنوش، الاجتماع الرابع عشر رفيع المستوى بين البرتغال والمغرب، لاستئناف القمم على المستوى الحكومي والتي توقفت بسبب وباء كوفيد -19.
وقال مصدر من السلطة التنفيذية لشبونة لوكالة “لوسا” إن الحكومتين سترفعان علاقتهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهو “مستوى جديد يتم فيه تعزيز الحوار السياسي، مع اتصال دائم بشأن المسائل ذات النطاق الثنائي والإقليمي والوطني الدولي”.
وفي نهاية الاجتماع الرفيع المستوى الرابع عشر، تستعد حكومتا البلدين لتوقيع 13 اتفاقية، إحداها اتفاقية تعاون في مجال الحماية المدنية، تغطي الحوادث أو الكوارث الخطيرة، ومذكرة حول البحث العلمي والتكنولوجي، بالإضافة إلى برنامج لتنفيذ الاتفاقية الثقافية والعلمية، والتي من المفترض أن تستمر حتى عام 2025، فضلا عن خطة عمل في مجال السياحة.
انعقدت القمة الأخيرة بين حكومتي البرتغال والمغرب في ديسمبر 2017 في الرباط، حيث تم التوقيع على 12 اتفاقية تعاون ثنائي.