بقلم الأستاذة: فتيحة شاطر
منذ تأسيس الجزائر سنة 1962، اختار نظامها السياسي توجها نقيضا لما سار عليه المغرب من منظومة وتوجه سياسيين.. فبينما استمر المغرب في تبني النظام الملكي والانفتاح الديمقراطي وتمكين الأحزاب السياسية من حرية المنافسة واتباع المنظومة الليبرالية في الاقتصاد.. والاعتماد على الفلاحة و بناء السدود وتثمين القطاع السياحي فضلا عن توجه ملوكه لاستكمال تحرير أراضيه إلخ.. اختارت الجزائر تبني نظام عسكري انكشاري ونظام الحزب الواحد الحاكم والاشتراكية كنموذج اقتصادي يمكن الدولة من وضع يدها على وسائل الإنتاج.. بالإضافة إلى الاعتماد الكلي على عائدات المحروقات دون الالتفات إلى القطاعات الإنتاجية الأخرى من فلاحة وصناعة وسياحة إلخ.
تناقض في المنظومة وصدام في التوجهات
هذا التباين في نمط الأنظمة انعكس على العلاقات الصدامية بين البلدين وطبعها بالتوتر في أغلب الفترات، باستثناء بعض فترات الهدنة على عهد الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة.
في هذا السياق راهنت الجارة الشرقية، في معاداتها للمغرب، على عدة رهانات فشلت فيها جميعا.. إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو حتى العسكري. فعلى المستوى العسكري، راهن العسكر منذ فجر التاسيس على استهداف الأراضي المغربية خلال حرب الرمال 1963 ثم حرب أمغالا 1 وامغالا 2.. ثم التحرش بمعبر الكركرات نهاية عام 2021 باستعمال ملقطها البوليساريو.
البوليساريو.. ذلك الملقط الذي يخوض حربا بالوكالة
في نفس التوجه الاستعدائي الخبيث، راهنت الجزائر، لقرابة نصف قرن، على إنشاء جبهة انفصالية إرهابية مسلحة جعلت منها ذراعها العسكري الذي تهاجم به المغرب في قسمه الجنوبي.. في محاولة لاستنزافه اقتصاديا وتقسيمه جغرافيا وعزله عن إفريقيا استراتيجيا. ومن خلال ورقة البيترودولار، ساهمت الجزائر في إقحام مكون وهمي إلى داخل منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي لاحقا).. من أجل محاصرة وعزل المغرب إفريقيا.
واستمرارا لمسلسل التخبط والفشل، واصلت الجزائر مسلسل استفزاز المغرب ومحاولة النيل من نظامه الملكي من خلال استقطاب العناصر المعارضة لنظام الحكم.. أو استئجار “قتلة مأجورين” (كارلوس) لاستهداف الحسن الثاني رحمة الله عليه.. هذا دون إسقاط تعاملها الخبيث مع شخص الملك محمد السادس دون أدنى احترام لرموز الدولة المغربية وثوابتها.
أغلقوا البر والبحر والجو.. وحتى الهواء إن استطاعوا لذلك سبيلا
وذهبت الجزائر بعيدا في معاداتها للمغرب حين أغلقت الحدود البرية والبحرية وأخيرا الأجواء لتفصل بين العائلات المتصاهرة فيما بين الشعبين الشقيقين. ولم تكتفي بهذا كله بل لجأت إلى قطع أنبوب الغاز المغاربي.. في محاولة يائسة لخلق حالة من الارتباك الاقتصادي والاجتماعي والاحتقان السياسي في المغرب.
كلها رهانات عسكرية وسياسية واقتصادية فاشلة، تعكس حالة نفسية مرضية لنظام طارئ على التاريخ وعلى الجغرافيا وجد نفسه أمام عملاق سياسي له 12 قرنا من التواجد المادي والسياسي ويعتبر أقدم ملكية مستمرة في تاريخ الدول والأمم.