عز الدين السريفي
طرح عبد الصمد عرشان عن فريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي سؤالا شفويا على وزير الداخلية يتعلق بمشكل النفايات، خصوصا مشكل المطارح العشوائية بمجموعة من الجماعات الترابية بالمملكة، مؤكدا، أنها تشكل خطرا حقيقيا على سلامة المواطنين والبيئة وتشكل عبئا على السلطات المحلية من الناحية الأمنية.
وأوضح عبد الصمد عرشان، برلماني عن دائرة تيفلت الرماني، عن ذات الفريق، اليوم الإثنين، في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أن مشكل النفايات المنزلية تم احتواؤه، بفضل دعم وزارة الداخلية، لكن المطارح، فالمشكل لا زال مطروحا،فباستثناء بعض المدن المغربية، فجل المدن لا زالت تعاني من المطارح العشوائية وما تشكله من تهديد لصحة المواطنين والبيئة بالإضافة إلى بروز بعض الظواهر (الميخالة) الذين يتاجرون في النفايات،بل يتخدون هذه الأماكن (الأكواخ) كمقر للاتجار في الممنوعات، وهو ما بات يشكل عبء أمني على السلطات،خصوصا، أن أغلب المطارح توجد في ضواحي المدن.
وطلب عبد الصمد عرشان من وزير الداخلية، رصد مبالغ مالية لمجموعة من الجماعات التي تعاني من المطارح العشوائية، لايجاد حلول تراعي سلامة المواطن والبيئة والأمن بضواحي المدن.
وفي جوابه عن الموضوع، أكد وزير الداخلية، أن الحجم الإجمالي للإستثمارت المبرمجة هو 21.14 مليار درهم موزعة الشكل التالي: 9.7 مليار درهم لإنجاز مراكز الطمر وتثمين النفايات المنزلية، 695 مليون درهم لإنجاز المشاريع الخاصة بإعادة تهيئة المطارح القديمة، و1.2 مليار درهم لإقتناء الآليات من أجل تحسين تدبير مرفق النظافة، و9.5 مليار درهم لإنجاز المشاريع الخاصة بجمع وكنس النفايات المنزلية، و60 مليون درهم مخصصة لتقديم المساعدة التقنية للجماعات الترابية”يقول وزير الداخلية.
مازالت روائح “عصارة الأزبال” و”الحرق العشوائي للنفايات” و”استمرار المطارح غير المؤهّلة” نقاطا سوداء وسلبية تستثمرها جهات مدنية وحقوقية كثيرة لتوجيه السهام إلى قلب الفاعل العمومي، من سلطات محلية، وأيضا وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بخصوص مدى حضور “الحكامة والجدية” في تفعيل القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، رغم أن الحكومة كشفت مراراً أن “هناك جهودا سارية”.
ووصلت إلى ديوان الوزيرة بنعلي نهاية الاسبوع الأول من غشت الماضي، مراسلة للاستفسار عن تأهيل مطرح النفايات بغابة “القريعات” تيفلت، الذي يتسبب وفق الوثيقة لساكنة المدينة، ومنذ سنوات، في “معاناة بسبب الحرق العشوائي للنفايات وما يترتب عليه من غازات وروائح”؛ غير أن الموضوع بالنسبة للفاعلين البيئيين الذين تحدثوا لهسبريس مازال “مشكلا عموميّا”، يتطلب “الإسراع في القضاء على هذه المعضلة البيئية التي تهدد التوازنات الإيكولوجية والصحة الإنسانية”.
مصطفى العيسات، خبير في المجال البيئي والتنمية المستدامة والمناخ، قال إن “البرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية والمماثلة لها حقّق نتائج جد مهمة على مستوى القضاء على المطارح العشوائية”، مستدركا بأن “بعض المطارح مازالت تطرح مشاكل بالنسبة للمواطنين وللنظام الإيكولوجي كذلك، ما يسائل مساهمة هذا الورش الذي تمخض عن البرنامج الوطني في تحقيق تنمية حقيقية، لأننا نتحدث عن أطنان ثقيلة لا تخضع للتثمين وتتسبب في خسائر بيئية تضرّ بشروط التدبير المستدام والأخضر”.
وأوضح العيسات، أن “النفايات التي مازالت بهذا الشكل تساهم في تسرب عصارة النفايات (الليكسيفيا) التي لديها انعكاسات سلبية وخطيرة، سواء بالنسبة لصحة الإنسان أو التوازنات البيئية”، معتبرا أن “تكثيف إعادة تدوير النفايات يجب أن يتعزز من خلال وضع تدابير جديدة لإنهاء المطارح العشوائية التي توجد خصوصا في المناطق القروية، لأن النفايات تعتبر ثروة قومية في بعض البلدان”.
وأضاف المتحدث عينه أن “المطارح العشوائية المتبقية ليست بالحدة نفسها التي كانت عليها قبل انطلاق البرنامج الوطني سالف الذكر في 2008، لكن هناك حاجة إلى القضاء عليها بالمجمل لكونها مهما كانت تبدو غير موجودة فهي مازالت تشكل الخطورة نفسها رغم عدم كثرتها”، مشددا على أن “ورش الحكومة بخصوص القضاء على المطارح العشوائية بالمدن المرشحة لاحتضان منافسات مونديال 2030 عملي، لكنه يحتاج أن يتوسع ليشمل بقية المدن والقرى التي لن يصل إليها المونديال”.
المدينة والقرية
أيوب كرير، باحث في القضايا البيئية، قال إن “المطارح العشوائية مشكلة مستمرة رغم كل الجهود، خصوصا على مستوى القرى، حيث لا تتوفر مطارح تستجيب للمعايير البيئية؛ وهذه كارثة لأن الفضاءات الفلاحية تتضرر هي ومجموعة من الأراضي الخصبة، وهو ما يشكل وباء خطيراً يترصّد بهذه الفضاءات المنتجة بحكم أن الإستراتيجية الوطنية لم تنطلق بشكل شمولي يضع اليد على كل مكان فيه مطرح عشوائي، خصوصا في المناطق البدوية”.
وبخصوص المشكل داخل المدينة لفت المتحدث ذاته، إلى أن “شركات التدبير المفوض التي تفوت لها صفقات تدبير النفايات المنزلية بينت أن هناك فشلا ذريعاً في هذا الجانب، خصوصا أننا نعرف أن هناك كثافة سكانية وتحولات عمرانية كبيرة وتوسعا حضريا”، مسجلا أن “الوضع مازال يتطلب مجهودات كبيرة؛ ففي عديد من المناطق ليس هناك تدبير جيد للنفايات، مع أن هذا عمل يومي يحتاجه المواطن في حياته، وهو ما يطرح أسئلة حول هذا الكسل وهذا التهاون في التدبير الأمثل لنفاياتنا المنزلية”.
واعترف الباحث عينه بأن “هناك ترسانة قانونية صلبة وجريئة بالمملكة المغربية، لكن أجرأتها على أرض الواقع تحتاج حكامة أكبر وجدية أعلى، لأن الواقع يتوسع، لكن المبادرات تظل محصورة ومتمسكة بالتعاطي القديم مع مختلف القضايا المتصلة بالنفايات المنزلية”، مشددا على “ضرورة إعادة النظر في هذه الطريقة التي يتم التعامل بها مع المطارح، من خلال ضمان تأهيل وتثمين هذه الموارد التي تشكل ثروة حقيقية في العديد من البلدان التي استطاعت أن تجعل من نفاياتها كنزا بيئيا”.