تتسم العلاقات المغربية-اليابانية بديناميكية متجددة تسعى إلى تعميق التعاون الاقتصادي وتوسيع آفاق الاستثمار بين البلدين، وفي هذا السياق، جاءت زيارة الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، كريم زيدان، إلى اليابان كخطوة مهمة تعكس رغبة البلدين في تعزيز شراكتهما الاستراتيجية.
الجولة، التي امتدت من 25 إلى 27 نوفمبر، أتاحت للمغرب فرصة لعرض إمكاناته الاقتصادية أمام الشركات اليابانية، في حين مثلت منصة لتجديد العلاقات الثنائية ومناقشة السبل الكفيلة بالارتقاء بمستوى التعاون في القطاعات الحيوية مثل صناعة السيارات، الطاقات المتجددة، والطيران.
التوقيع على مذكرة تعاون بين الجانبين، وتأكيد الطرفين على أهمية تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا، يعكس الطموح المشترك للاستفادة القصوى من الفرص المتاحة، مع العمل على تجاوز التحديات الثقافية واللغوية التي قد تعيق توسيع هذا التعاون.
هذا، وصرح وزير الاقتصاد والصناعة الياباني، موتو، وخلال الاجتماع، قائلاً: “في ظل تزايد الاهتمام بإفريقيا كمناطق نمو، يُعد المغرب شريكًا مهمًا ويتمتع بإمكانات كبيرة. نرغب في تعزيز العلاقات الاقتصادية بشكل أكبر”.
ومن جانبه، أعرب وزير الاستثمار المغربي كريم زيدان عن سعادته بتنامي العلاقات الاقتصادية بين البلدين، قائلاً: “يسعدني أن تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين نشاطًا متزايدًا. نرغب في استغلال هذه الفرصة لوضع خارطة طريق واضحة للمستقبل”.
المحلل الاقتصادي، على الغنبوري، أكد أن العلاقات المغربية اليابانية تُعد نموذجًا متميزًا للتعاون الثنائي، خاصة في الجانب الاقتصادي، مضيفا أن هذه العلاقات تتميز بالثبات والاستقرار عبر الزمن، مما جعل اليابان واحدة من أكبر المستثمرين في المغرب، حيث تعمل أكثر من 75 شركة كبرى يابانية في قطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات، الطائرات، والصناعات الإلكترونية.
وأشار الغنبوري إلى أن هذه الشركات تُسهم بشكل كبير في تشغيل اليد العاملة المغربية، حيث توفر أكثر من 50 ألف منصب شغل، ما يعكس أهمية الاستثمارات اليابانية في دعم سوق العمل المحلي وتعزيز البنية الصناعية في المملكة.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن المبادلات التجارية بين المغرب واليابان، رغم أهميتها، لا تزال دون مستوى التعاون الاستثماري بين الطرفين، مسجلا أن اليابان تُعد الشريك التجاري السابع للمغرب في القارة الآسيوية، وأن حجم المبادلات التجارية بين البلدين لا يتجاوز 700 مليون دولار.
ويرى المتحدث أن المغرب، بفضل استراتيجيته وموقعه الجغرافي المتميز داخل القارة الإفريقية، مؤهل ليكون شريكًا استراتيجيًا في استقطاب الاستثمارات اليابانية، مشيرا إلى أن المشاريع الكبرى التي يقودها المغرب في القارة السمراء تُعزز مكانته كجسر اقتصادي يمكن أن يُسهّل دخول اليابان إلى الأسواق الإفريقية الواعدة.
وتابع: أن هناك فرصًا عديدة لتعزيز الشراكة بين المغرب واليابان، خاصة في المجالات المرتبطة بالتحول الطاقي، تعزيز الصناعة، والرفع من مساهمتها في الناتج الداخلي الخام، خاصة و أن هذه القطاعات تتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للطرفين ويمكن أن تُشكل قاعدة قوية لتعاون مربح للطرفين.
وخلص المحلل الاقتصادي، مؤكدا أن المغرب، في إطار سياسته لتنويع الشراكات الدولية، أصبح يقدم فرصًا متعددة لمختلف القوى الاقتصادية العالمية، ما يجعل من المملكة شريكًا موثوقًا ومستقرًا في محيطه الإقليمي والقاري، مما يدفع بالقوى الاقتصادية الكبرى، مثل اليابان، إلى تعزيز حضورها الاستثماري في المملكة.
ورغم مثانة العلاقات بين الطرفين إلا أن هناك إمكانات كبيرة غير مستغلة بعد، سواء على مستوى الاستثمار أو تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وهو ما يظهر من خلال الميزان التجاري الذي يميل بشدة لصالح اليابان.
وحسب المعطيات المتوفرة، فإن واردات المغرب من اليابان سنة 2023، زادت بنسبة 13.8% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 269.37 مليون دولار، معظمها قطع غيار السيارات، بينما انخفضت الصادرات المغربية بنسبة 35.4%، لتصل إلى 300.53 مليون دولار، غالبيتها منتجات زراعية وصيد بحري.
ويُعزى هذا الخلل حسب خبراء إلى الفجوة الثقافية وضعف المعرفة المتبادلة بقطاعات الأعمال في البلدين، الأمر الذي يعوق تعاون الشركات ويحول دون تحقيق استفادة مثلى من الفرص الاقتصادية المتاحة، لذلك، تبرز أهمية إنشاء قنوات حوار فعّالة بين الشركات المغربية واليابانية، لتعريفها بالفرص الاستثمارية المشتركة، وتعزيز التواصل عبر تنظيم زيارات اقتصادية استكشافية بشكل منتظم.