عز الدين السريفي، رئيس التحرير
على بُعد 56 كيلومتر او اقل من مدينة الرباط، تقع مدينة تيفلت، “قرية” في السابق، ومنطقة فلاحية بامتياز، عَرفت ملامح التمدّن اليوم، لتصيرَ من أهم المراكز الحضرية لإقليم الخميسات، إذ لا تفصل بينهما سوى 25 كيلومتر.
تيفلت أو “وادي النخلات”، كما كانت تسمى في السابق، لما كان يعبُرها وادٌ صغير، لتُسمى بإسم “تيفلفلت”، الذي يعود لمبادرة رجل عادَ من مناسك الحج، ثم زرع بذرة فلفل على ضفة الوادي، فأينعت غلة وفيرة، ولتسهيل نطق اسم المدينة، وقع الاختيار، في ما بعد، على اسم “تيفلت”.
عرشان “اجي حضر فالبرلمان أو سير”
تكرست صورة نمطية في المخيال العام للمواطنين بتيفلت بصفة خاصة و المغاربة بصفة عامة حول مؤسستهم التشريعية وحول أداء ممثليهم بها، صورة قاتمة ترسخ سلوك اللامبالاة وتعمق القطيعة بين المواطن والسياسة.
لقد أضحت التمثيلية البرلمانية مرادفا للارتقاء الاجتماعي، وأصبح البرلماني تجسيدا لمعاني الانتهازية والتحلل من المسؤولية، ولتعليل هذه الخلاصات يُدفع عادة بنسب الغياب والاستهتار بالمسؤولية، وعدم كفاية القدرات والمؤهلات لغالبية سكان المؤسسة التشريعية، كمؤشرات على صحة تلك الخلاصات.
البرلماني المغربي يرعى فقط مصالحه الشخصية ويقدمها على أي أمر آخر، وبالرغم من إقراره بأنه لا يمكن تعميم هذه الملاحظة على الجميع، فإن البرلماني عموما يبقى بعيدا عن اهتمامات المواطنين، كما أن تداولات البرلمانيين تعتبر مجرد تمثيليات، بينما لا يمكنهم مناقشة قضايا جوهرية، وعند استفساره عن كنه هذه القضايا الجوهرية أشار إلى عجز البرلمان من الخروج باستنتاجات واضحة وملموسة للرأي العام بخصوص قضايا الفساد، ومحاسبة المتورطين في تلك القضايا.
البرلماني عرشان، كأنه انتزع منه شيئا ثمينا، فهم في نظره مجرد محظوظ، حملته الصدفة حيث لا يستحق، ومجرد أحمال ثقيلة تزيد من معاناة المواطنين، لا يقدمون مقابل ما يتقاضى من رواتب وامتيازات، الحل في نظره تشبيب الأحزاب وتخليق الحياة السياسية، وفرض مزيد من الشروط الإدارية تلزمه أداء واجبه بالاستماع إلى المواطن بالدرجة الأولى، وإشراكه في اتخاذ القرار.
ليس في إلزام النواب بالحضور بأدوات إدارية لا تجدي نفعا حقيقة، ما لم تطبق بشكل حازم، وهي لا تطبق اليوم، رغم إقرارها، إذ أن الحل يكمن في تطبيق الديمقراطية، والإيمان بالعمل من أجل الصالح العام، “المعقول” وحده كفيل بحل كل المشاكل، كفيل بتحقيق أماني المواطنين، وأداء رسالته كبرلماني يمثل المواطنين، يجب على الجميع “يدير المعقول”.
رسالة الى من يهمه الامر
الحل يكمن في إرساء قيم الديمقراطية، واحترام دولة القانون والمؤسسات، ففي نظره وجود أنظمة ديمقراطية تمكن البرلماني من تأدية وظائفه التشريعية من أولها إلى آخرها، كفيلة بتحفيز المواطنين على المشاركة بفعالية.
خارج هذا الحل الديمقراطي تبقى الأمور الأخرى من قبيل ما يقال عن إصدار مجلة برلمانية أو قناة برلمانية أو سن قوانين زجرية للضغط على البرلمانيين من أجل الحضور، تبقى مسائل تقنية فقط، فالبرلماني عليه أن يكون متواصلا بشكل جيد مع المواطنين والمواطنات.
كما يجب توعية المواطنين بأن مهمة البرلماني لا تقتصر على قضاء حوائج ذات طبيعة فئوية أو خاصة، إنما مهمته هي التشريع والمراقبة و الاسئلة الجريئة.