عز الدين السريفي
أثار اللقاء الذي أجراه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، يوم الإثنين الماضي مع وفد من جنوب إفريقيا قاده نائب رئيس لجنة العلاقات الدولية بالمؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، أوبيد بابيلا، جدلا في صفوف الحزب الحاكم في بريتوريا، وقلقا في صفوف الجزائر جبهة البوليساريو الانفصالية.
وأصدر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الحزب التاريخي لنيلسون مانديلا، بيانا صحفيا، انتقد فيه الزيارة التي قام به أوبيد بابيلا إلى المغرب، ودعاه إلى تقديم توضيحات حول هذه الزيارة، بمبرر أن الحزب يتعارض في مواقفه مع المغرب في قضية الصحراء، ويدعم مطالب الانفصال التي تُعلنها جبهة البوليساريو.
وقالت تقارير إعلامية، إن الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا، وجد نفسه في حرج من خلال زيارة أحد أعضائه البارزين إلى المغرب والتحدث باسم الحزب في اللقاء الذي أجراه مع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، وبالتالي اضطر للخروج بهذا البيان للتأكيد على مواقفه، وبالأخص في قضية الصحراء.
ولا تستبعد بعض المصادر المهتمة بقضية الصحراء، أن يكون القلق الذي ساور الجزائر وجبهة البوليساريو من زيارة الوفد الجنوب إفريقي للمملكة بداية هذا الأسبوع، دفعها إلى التدخل لطلب توضيحات من حزب ANC الذي قرر الخروج ببيان إعلامي يدعو فيه أوبيد بابيلا لتقديم توضيحات حول تلك الزيارة.
وما يدعم هذا الطرح، هو أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أشار في بيانه أنه سيواصل العمل مع حلفائه، ومن ضمنهم الجزائر، من أجل ما أسماه ضمان “حق شعب الصحراء الغربية في تحقيق حريته التي تم تجاهلها منذ مدة طويلة”، وأكد على دعمه لجبهة البوليساريو الانفصالية.
كما أن التطورات التي عرفها ملف الصحراء المغربية في السنوات الأخيرة، جعل الجزائر تُسارع لمحاولة كبح أي خطوات تقارب بين المغرب والدول الإفريقية التي لازالت تدعم البوليساريو، حيث سبق أن سارعت إلى دفع كينيا للتراجع عن سحب اعترافها بجبهة البوليساريو خلال حفل تنصيب ويليام روتو رئيسا للبلاد من سنتين.
كما تحاول بشتى الطرق إلى خلق علاقات اقتصادية مع نيجيريا من أجل إبقائها على الحياد في ملف الصحراء، بعدما نجح المغرب في دفع أبوجا إلى الخروج من “المثلث” الداعم للبوليساريو الذي كانت تشكله مع الجزائر وجنوب إفريقيا، حيث تخشى أن لا تقف عند الحياد وتتجه إلى الدعم الصريح للمغرب لسيادته على الصحراء.
وفي ظل انحسار رقعة الداعمين للبوليساريو في إفريقيا، فإن الجزائر أصبحت تتحرك بسرعة لوقف هذا النزيف، وهو ما يدفع بعدد من المهتمين بقضية الصحراء، إلى افتراض أن الجزائر هي التي تحركت لدفع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لانتقاد وفدها الذي زار المغرب، علما أن الزيارة تمحورت بالخصوص حول مباحثات لتعزيز العلاقات الاقتصادية، ولم تكن مركزة على الجوانب السياسية.
وكان بلاغ للخارجية المغربية قد أشار إلى أن أوبيد بابيلا، دعا في تصريح للصحافة عقب هذه المباحثات، إلى تكثيف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بلاده والمغرب، داعيا في الوقت نفسه، المقاولات المغربية على الاستثمار في جنوب إفريقيا على غرار العديد من الشركات الجنوب إفريقية التي، حسب قوله، موجودة بالفعل في المغرب.
وأضاف المصدر نفسه، أن المسؤول الجنوب الإفريقي، أشاد بعودة المغرب إلى الدائرة الإفريقية، وهو الفضاء الذي يمكن للبلدين “العمل معا في إطاره لرفع التحديات التي تواجه إفريقيا”، مذكرا في هذا السياق بالدعم الذي قدمه المغرب لنضال جنوب إفريقيا من أجل نيل الاستقلال، مضيفا أن المملكة كانت من بين الدول الأولى التي زارها زعيم جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا سنة 1994 بعد استقلال بلاده من أجل التعبير عن شكره للشعب المغربي لمساهمته في تحرير جنوب إفريقيا واستكشاف سبل تعزيز العلاقات الثنائية.