أحمد نورالدين، خبير في ملف الصحراء
قرار حكومة البيرو قطع علاقاتها مع جمهورية تندوف الوهمية، هو كما وصفه بيان الخارجية البيروفية يأتي انسجاما مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها التي تحترم الوحدة الترابية للدول الأعضاء ومنهم المملكة المغربية.
واي دولة في العالم تحترم الشرعية الدولية لا يمكنها أن تعترف بكيان لا يتمتع بالمقومات الأساسية للدولة كما يعرفها القانون الدولي، لذلك لن تجد دولة واحدة تحترم نفسها وتحترم القانون، وخذ مثالا على ذلك كل الدول الأوربية والدول العظمى، لن تجد واحدة منها تعترف بالكيان الذي تحتضنه الجزائر فوق اراضيها لأنه لا يملك المقومات القانونية للدولة.
والأدهى من ذلك كله، كيف تعترف دولة تحترم نفسها بكيان لا يملك اعضاؤه حتى وثائق الهوية، فهم يتحركون بجوازات سفر جزائرية، وهذه أبسط مظاهر سيادة الدولة، وقد راينا زعيم الانفصاليين ورئيس الكيان الوهمي المدعو إبراهيم غالي يدخل الأراضي الاسبانية بهوية منتحلة تحت اسم ابن بطوش وبجواز دبلوماسي جزائري، فعن اي كيان نتحدث بعد هذه المهزلة. وكان من المفروض بعد هذه الفضيحة المدوية أن تسحب اعترافها حتى الدول التي مازالت تعترف بكيان تندوف، ومنها 13 دولة إفريقية من أصل 54 دولة تشكل الاتحاد الإفريقي.
وعموما فإن مراجعة البيرو لموقفها يندرج ضمن منعطف عالمي يتسم بالاعتراف بسيادة المغرب الكاملة على اقاليمه الجنوبية، مثلما راينا مع موقف واشنطن وإسبانيا وألمانيا، وسحب الاعترافات من طرف الأغلبية الساحقة من الدول النامية التي سبق لها أن رضخت للابتزاز الجزائري ولدبلوماسية البترودولار التي تمارسها ضد المغرب.
ومع ذلك يبقى أن نؤكد على أن النتيجة المنطقية والحتمية من سحب الاعترافات، يجب ان تؤدي الى طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي، ثم الحسم النهائي في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، لجنة تصفية الاستعمار، من خلال التصويت على توصية لطي الملف والاعتراف بسيادة المغرب على كامل صحرائه. ما عدا ذلك ستبقى عملية سحب الاعترافات مجرد لعبة انتهازية لا تحتكم إلى الأخلاق السياسية والأعراف الديبلوماسية، وستبقى مصدرا دائما للضغط على المغرب وابتزازه بسبب اموال النفط والغاز الجزائري التي تستعمل كسلاح ضد المغرب كما فعلت الجزائر مؤخرا مع إسبانيا بسحب السفير ووقف العمل باتفاق التعاون، ومراجعة اسعار الغاز ووقف أنبوب الغاز، ووقف التعاملات البنكية، وغيرها من الاجراءات، هذا مع إسبانيا العضو في الاتحاد الاوربي، فما بالك بالضغط الذي تمارسه الجزائر على الدول النامية في افريقيا واأمريكا اللاتنية وآسيا، بالإضافة الى شراء الذمم كلما تغيرت الحكومات من يمين إلى يسار او العكس، وما وقع منذ اسبوعين في كولومبيا ليس عنا ببعيد، وهنا تكمن كل الخطورة./