أثارت صحيفة “التيليغراف” البريطانية، غضب العديد من الإسبان، بعد نشرها أول أمس الاثنين، لتقرير حول مدينة سبتة المحتلة، يحمل عنوان “قطعة غريبة من إسبانيا في إفريقيا”، حيث استعملت الصحيفة البريطانية مصطلحات ومقارنات قالت وسائل إعلام إسبانية إنها مثيرة للجدل وتثير الغضب، بزعم أنها خاطئة من الناحية التاريخية.
وبالرغم من أن التقرير أعطى صورة سياحية وثقافية إيجابية عن مدينة سبتة، بالنظر إلى موقعها الجغرافي المتميز وتاريخها الفريد، إلا أن التقرير لم يُعجب الكثير من الإسبان بسبب بعض الأوصاف والمصطلحات التي جاءت في التقرير، من قبيل أن سبتة “تحمل شخصية مغربية إيبيرية”، وأنها مدينة “توجد في المغرب”.
كما أشار التقرير إلى المطالب المغربية باستعادة المدينة إلى حوزته باعتبارها أراض محتلة من طرف إسبانيا، مضيفا في سياق آخر، أن سبتة هي بمثابة جبل طارق، حيث أنها منطقة تابعة لإسبانيا توجد في المغرب، وجبل طارق منطقة تتبع لبريطانيا توجد في إسبانيا.
وزعمت تقارير صحفية إسبانية، أن المقارنة التي جاءت في تقرير الصحيفة البريطانية بشأن سبتة وجبل طارق، “غير صائبة”، بدعوى أن جبل طارق كان دائما تابعا للتاج الإسباني قبل أن يتعرض للاحتلال من طرف بريطانيا، في حين أن سبتة لم تكن تابعة للمغرب عند احتلالها من طرف البرتغال ثم إسبانيا.
وكررت تحليلات الصحف الإسبانية الكثير المغالطات التي يسقط فيها الكثير من الإسبان الذين يربطون تاريخ المغرب الحديث بالأسرة العلوية الحاكمة، ويقسمون تاريخ المغرب عبر حقب متفرقة لكل دولة وأسرتها الحاكمة، في حين أن الواقع هو أن تاريخ المغرب هو تاريخ مترابط بالرغم من تغير الأسماء التي تحكم، فالمرابطين والموحدين والسعديين وغيرهم، هم جميعا مغاربة، فقط كانت الأسماء التي تحكم هي التي تتغير.
وتجدر الإشارة في نفس السياق، أن جدلا كان قد نشب مؤخرا، بشأن الخريطة الرسمية التي كشفت عنها السفارة المغربية في مدريد، وهي خريطة للمملكة المغربية تتضمن سبتة ومليلية كجزء من الأرضي المغربية، وهو ما أثار جدلا في أوساط السياسيين الإسبان.
وكان رئيس مليلية المحتلة، خوان خوسي إمبرودا هو الذي فتح هذا النقاش في غشت الماضي عندما قال عبر صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، بأن الخرائط الرسمية للمملكة المغربية التي تندرج فيها سبتة ومليلية توجد حتى في السفارة المغربية في مدريد، حيث تتولى كريمة بنيعيش منصب سفير الرباط لدى مدريد، وهو ما يُعتبر حسب وصف إمبرودا بـ”العدوان” المغربي على إسبانيا وتاريخها.
ولتبرير مطلبه والتأكيد على “إسبانية سبتة ومليلية”، قال إمبرودا إن الوجود الإسباني فيهما يعود إلى أكثر من 5 قرون، قبل استقلال المملكة المغربية في خمسينيات القرن الماضي، وهو ادعاء يُكرره الكثير من الإسبان الذين يجهلون التاريخ المغربي الذي يعود إلى أكثر من 12 قرنا، وكانت سبتة ومليلية دائما جزءا من الدول المغربية المتعاقبة.
وعلى المستوى الرسمي، فإن الرباط لا تعترف بسيادة إسبانيا على المدينتين السليبتين، وتعتبرهما أراض مغربية محتلة من طرف إسبانيا، وسيأتي اليوم الذي سيتم فيه فتح ملف المدينتين من أجل مناقشة خروج إسبانيا منهما وعودتهما إلى حوزة المملكة المغربية.