أضحى المسجد الحسن الثاني معلماً تاريخياً مقيداً في عداد الآثار التاريخية بالمغرب، بالرغم من أن هذه المنشأة الدينية حديثة؛ إذ وضع حجر الأساس لها الملك الراحل الحسن الثاني عام 1986، واكتملت في 30 غشت 1993.
خطوات التسجيل
قبل أن يصبح المسجد تراثاً وطنياً، تقدَّم محافظ “مؤسسة مسجد الحسن الثاني” بطلب لوزارة الاتصال والثقافة عام 2016، من أجل جعل المعلم الديني في عداد المآثر التاريخية، الأمر الذي استجابت له الوزارة، بعد استشارة لجنة التقييد والترتيب، في اجتماعها بتاريخ 18 فبراير 2018. إثر ذلك، أصدر محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال قراراً يحمل رقم 61.18، يقضي بتقييد مسجد الحسن الثاني في عداد الآثار الوطنية.
وجاء في المادة الثانية من القرار الوزاري؛ أنه “لا يمكن إحداث أي تغيير في المكونات التراثية للمسجد أو في شكله العام، ما لم تعلم بذلك وزارة الثقافة والاتصال، قبل التاريخ المقرر للشروع في الأعمال بستة أشهر على الأقل، كما هو منصوص عليه في الفصل السادس من القانون المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات”. كما أن قرار الوزير المذكور، اعتبر في المادة الأولى منه؛ أن جميع الأملاك والرسوم العقارية التي شُيّد عليها المسجد، تدخل في إطار الآثار المغربية.
سجل الفنون التقليدية
بهذا يكون قرار وزارة الثقافة “اعترافاً رسمياً من الدولة بأهمية المعلم الديني، وكل مكوناته، خصوصاً أن المسجد يعد بحق سجلاً يوثق لكل ما يتعلق بالفنون التقليدية المغربية”، هكذا قال منير أقصبي، الكاتب العام للمرصد الوطني للمحافظة على التراث (هيئة غير حكومية). ويوضح الباحث في التراث، في حديث لـ”عربي بوست”، أن الإدراج في عداد الآثار يتعلق بمعالم تاريخية يفوق عمرها المائة سنة، لكن ذلك لا يمنع من تقييد معالم ذات حمولة وذات طابع رمزي في لائحة الآثار والتراث، كما هو الشأن بالنسبة لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.
فمسألة إدراج منشأة ما في عداد الآثار والتراث؛ تمر عبر قانون 22.80 الذي صدر عام 1980، المتعلق بالمحافظة على التراث الوطني والتحف الفنية وغيرها، بحسب منير أقصبي، وبذلك أجريت “مسطرة تقييد مسجد الحسن الثاني في عداد الآثار، التي يترتب عليها إعطاء حصانة أكثر من الناحية القانونية للمعلمة الدينية، وحمايتها من أي تدخل غير لائق”.
أكبر مساجد البلاد وإفريقيا
مسجد الحسن الثاني، الذي تمت عملية بنائه تحت إشراف مكتب المهندس المعماري الفرنسي ميشيل بانسو، بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الحرفيين والصناع والعمال المغاربة الذين فاق عددهم 12500، يعد بحقٍّ واحداً من التحف الفنية في مجال المعمار المغربي، ويجسد حرفية الصانع المغربي في مختلف المجالات والمواد، من الخشب والجبس والرخام والفسيفساء وغيرها. كما أن المعلم الديني والتاريخي، الذي بني على مساحة 9 هكتارات، يعد أكبر مسجد في البلاد، وإفريقيا، والثالث عشر في العالم، وصومعته التي يبلغ علوها 200 متر ومساحتها 625 متراً مربعاً، فهي مزودة بمنارة تشد الانتباه ليلاً من خلال شعاع “لايزر”، موجه من قمتها في اتجاه الكعبة الشريفة، من أجل توجيه المصلين نحو القبلة.
يبقى أن بناء مسجد الحسن الثاني، قد كلف مبلغاً قُدر بـ500 مليون دولار، وقد أسهم فيه المغاربة آنذاك، عن طريق الاكتتاب الوطني الذي استمرَّ 40 يوماً، وتم جمع الأموال عبر المرور بالمنازل بيتاً بيتاً، وقد بلغ مجموع المساهمات 300 مليار سنتيم.