“طريق الموت” لقب تطلقه ساكنة العيون وأقاليم الجنوب عامة على الطريق الرابطة بين «الداخل» والصحراء.
انطلاقاً من كلميم وصولاً للداخلة وحتى الكويرة، تسلك طريقاً لا تحمل سوى الاسم، مقصوصة الأطراف كأن فأراً قضمها. تشعر بأنك تسلك طُرقات ليبيا أيام موسوليني VS عمر المختار! طريق حصدت وتحصد أرواحاً الناس بمعدلات قياسية، تقتل الأب والابن، الصغير والكبير، الابنة والأم، رجل الأعمال كما الموظف والصحفي والطالب.
تحصد الأرواح أفراداً وجماعات، عائلات وأصدقاء، مدنيين وعساكر. ديمقراطية كالموت! عديد أصوات نادت وتُنادي بمد طريق آدمي لوصل الجنوب بالشمال بغض النظر عن ما هو سياسي، وعما إذا كانت التنمية تُسهم في تقوية جبهة الوحدويين أو تضعف خندق الانفصاليين.
تحقيق مُعمق أفضى أن المخطأ مواطنون أساؤوا تقدير علو الأمواج فاستعجلوا أجلهم وكل نفس ذائقة الموت! نفس التحقيق المُعمق قال إن الجاني في وفاة 33 طفلاً احتراقاً في الطريق صوب العيون كانت «بوطة غاز صغيرة» لسائق شاحنة يحب طهي طعامه طازجا، وليس مُلاك شاحنة مُحملة بمحروقات، مشكوك في قانونيتها، ومحسوم عدم مطابقتها لمعايير سلامة حمولة تُعتبر قنبلة موقوتة. مخطئة هي الدولة إن ظنت أن حل نزاع الصحراء يكمن في تجميع أُناس داخل رقعة جغرافية، تزويدهم بمصاريف الجيب وشراء ولاء كبارهم، وإشغال صغارهم بملاعب القُرب ونسائهم بساحات واسعة، شبابهم ببطاقات إنعاش ورخص قيادة سيارات الأجرة، مع كف الأعين عن «كويرات البوطوة لكبيرة»! حل أي نزاع يبدأ بصناعة المواطن وصيانة كرامته، تعميم دولة القانون، فلا يُصبح مصير الإنسان قابلاً للبيع والشراء في مزاد كأي أثاث بالٍ. تعليم ذي جودة يُنتج مواطناً صالحاً مُصلحاً مبدعاً لا اتكالي! دولة تتحمل مسؤولياتها في تحسين التعليم، فلا تتركه تجارة رابحة لإخفاء مصادر الأموال وبيع النقط لمن يدفع طيلة السنة! سيادة القانون، والضرب بيد من حديد على يد كل سارق كبيراً كان أم صغيراً. الهاتف في العيون أثناء قيادة السيارة فريضة، لباس الخوذة جريمة، والامتثال لتعليمات شرطة المرور عار وجُبن لا مثيل له. قانون يُطمئن الناس، فلا يدخلون «دار القضاء»
المبعوث الأممي «كولر»، رئيس ألمانيا السابق أول دولة أنشأت طريقاً سريعاً قبل 80 سنة، سيكون سعيداً حقاً لو دخل المحاكم ورأى أمور الناس قد حُلت، لو انتقل بين مدن الصحراء بسيارته بكل أمن وأمان وراحة، لا بطائرة تنزل من السماء كأنه يزور جزراً معزولة. «كولر» سيسعد لو التقى الشباب وأكدوا له تكافؤ الفرص بينهم، كفاءة تعليمهم وتمتعهم بحقهم الطبيعي في التعبير عن رأيهم دون مزايدة من هذا ولا ذلك. ليست الساحات ولا ملاعب القرب، ولا «كؤوس الشاي» ما سيفرح«كولر»!