اسماعيل كايا / اسطنبول
عثرت الشرطة التركية، أمس الإثنين، على جثمان شخص وصف بأنه «عميل سابق في الاستخبارات البريطانية»، وأحد مؤسسي منظمة «الخوذ البيضاء» الإغاثية في سوريا، وذلك بعد يومين فقط من تحريض حساب رسمي تابع لوزارة الخارجية الروسية عليه بوصفه «عميلاً للاستخبارات البريطانية»، واتهمته بالعمل مع «منظمات إرهابية».
وأكدت مصادر تركية العثور على جثمان يدعى «جيمس غوستاف إدوارد لو ميسورييه» (48 عاماً)، في ساعة مبكرة من صباح الإثنين، في منطقة باي أوغلو وسط مدينة إسطنبول، وسط روايات متناقضة ترجح بعضها فرضية الوفاة الطبيعية وأخرى الانتحار أو الاغتيال.
وأجمعت مصادر متطابقة على أن ميسورييه هو عميل سابق بالاستخبارات البريطانية، بينما وصفته مصادر بمؤسس ورئيس منظمة الخوذ البيضاء، وأخرى بأحد أحد الأعضاء المؤسسين للمنظمة.
وإلى جانب الشكوك الجنائية، فإن تغريدة لحساب رسمي تابع لوزارة الخارجية على موقع «تويتر» أثارت شكوكاً واسعة حول إمكانية وجود دوافع سياسية وأمنية لوفاة العميل البريطاني، وفتح الباب واسعاً أمام الشكوك حول دور روسي محتمل في مقتله.
وجاء في التغريدة التي تضمنت صورة للمتوفى وهو يرتدي قبعة «الخوذ البيضاء»: «لو ميسورييه المؤسس المشارك للخوذ البيضاء، والعميل السابق للاستخبارات البريطانية، تم رصده في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في البلقان والشرق الأوسط، تم الإبلاغ عن صلاته بالتنظيمات الإرهابية خلال مهمته في كوسوفو».
مصدر سوري يعمل في منظمة الخوذ البيضاء، رفض الكشف عن اسمه، قال لـ«القدس العربي» إن «ميسورييه كان رجلاً عظيماً، هو من أمن التمويل لتأسيس الخوذ البيضاء، وعمل من أجل القضية السورية، وهو مقيم في إسطنبول منذ سنوات، وقدم الكثير من الدعم للمنظمة»، لافتاً إلى أنه كان يمارس عمله من إسطنبول ومناطق تركية حدودية، ولم يكن يعمل من داخل الأراضي السورية.
ونقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية، عن مصادر أمنية، قولها إن مواطنين عثروا على جثمان «ميسورييه» أثناء ذهابهم لأداء صلاة الفجر في حي «قره مصطفى باشا»، أمام المبنى الذي يقطن فيه في مدينة إسطنبول، وإن الفرق الطبية نقلت الجثة إلى مشرحة الطب الشرعي.
الرواية الرسمية التي نشرت حاولت استبعاد فرضية القتل من خلال التأكيد على أن الشرطة التركية قامت بفحص كاميرات المراقبة الأمنية في المبنى، لافتة إلى عدم وجود أي شخص دخل أو خرج منه خلال الساعات التي سبقت ولحقت اكتشاف وفاته.
وحسب الوكالة، فإن زوجته قالت في إفادتها للشرطة، إن ميسورييه قدم إلى تركيا قبل 4 أعوام، وأنه بدأ مؤخراً في استخدام أدوية النوم والعلاج النفسي بسبب اضطراباته النفسية الشديدة، وأضافت: «قبل 3 أيام ساءت حالته الصحية في منطقة جزر الأميرات، وتم إعطاؤه الأدوية وإبراً للعلاج، وبهدف الاقتراب من المركز الصحي انتقلنا إلى هذا المنزل في الطابق الثالث ولممارسة ميسورييه عمله فيه».
وتابعت: «في الأمس كنا معاً حتى الساعة 04.00 صباحاً، وتناولنا دواء للنوم، وفي حوالي الساعة 05.30-06.00 استيقظت على صوت طرق الباب، وعندما لم أر زوجي بجانبي شاهدت نافذة المنزل مفتوحة ونظرت من خلالها إلى الأسفل فرأيت زوجي ملقى على الأرض».
وأصدرت ولاية إسطنبول بياناً حول الحادث جاء فيه: «تم البدء بالتحقيقات الإدارية والقضائية الشاملة حول حادثة وفاة المواطن البريطاني جيمس غوستاف إدوارد لو ميسورييه».
صحف تركية قالت إن الفحص الأولى الذي قام به الطب العدلي التركي أثبت وجود كسور كثيرة في الأطراف السفلية والعلوية، لكن صحيفة «حرييت» قالت أيضاً إن هناك شكوكاً حول وجود آثار لضربة بآلة حادة في الوجه، وهي المعلومات التي لم تؤكدها المصادر الرسمية بعد، وسط تقديرات ترجح نظرية الانتحار أو الاغتيال.
وكتبت «الخوذ البيضاء» على حسابها الرسمي على «تويتر»: «ببالغ الحزن والأسى تلقينا خبر وفاة ميسورييه، مؤسس ومدير منظمة «ريسكيو ماي داي» الإنسانية، إحدى المؤسسات الداعمة للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) وذلك في منزله الواقع في منطقة «توب هانة» بمدينة إسطنبول التركية فجر اليوم الإثنين»، وأضافت: «تتقدم أسرة الدفاع المدني السوري بخالص العزاء لأسرة جيمس، ونعبّر لهم عن بالغ حزننا وتضامننا مع عائلته، كما هو واجب علينا أن نثني على جهوده الإنسانية التي سيتذكرها السوريون دائماً».