اسماعيل كايا / اسطنبول
ما زال أحد عناصر تنظيم «الدولة» عالقاً لليوم الثالث على التوالي في المنطقة العازلة بين تركيا واليونان، وذلك عقب ترحيل السلطات التركية له ورفض اليونان استقباله، وسط غموض في الخيارات المتاحة لحل أعقد مشكلة تواجه السلطات التركية منذ أن بدأت قبل أيام بعمليات ترحيل عناصر التنظيم إلى دولهم.
ووصفت وسائل الإعلام التركية المختلفة محمد درويش بأنه أردني الأصل أمريكي الجنسية، وكان معتقلاً في السجون التركية منذ مدة غير محددة بتهمة الانتماء إلى «تنظيم «الدولة» الإسلامية» قبل أن تقرر السلطات التركية ترحيله إلى بلاده ضمن حملة لترحيل أعضاء التنظيم إلى بلدانهم الأصلية.
ونقلته السلطات التركية إلى معبر «بازار كولة» الحدودي مع اليونان، لكن السلطان اليونانية لم تسمح له بالعبور إلى الجانب اليوناني، ومنذ ثلاثة أيام ما زال عالقاً في منطقة صغيرة مكشوفة تعتبر بمثابة «منطقة عازلة» تفصل بين المعبرين الحدوديين للبلدين.
وعن أسباب عدم ترحيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي يحمل جنسيتها، تقول مصادر أمنية تركية إنه رفض بشكل قاطع ترحيل السلطات التركية له إلى بلاده، وهو من طلب ترحيله إلى بلد ثالث، واختار اليونان.
وفي ظل عدم وجود تصريحات رسمية توضح أسباب ترحيله إلى اليونان، قال حقوقيون أتراك إن القانون الدولي يتيح لهؤلاء الأشخاص طلب اللجوء إلى دولة ثالثة يختارونها.
وقال مراسل تلفزيون «خبر تورك» التركي من اليونان، إن السلطات اليونانية سألت درويش في البداية ما إن كان يقبل بإرادته عملية ترحيله إلى اليونان، فكان رده سلبياً، وهو ما دفعهم للختم على جواز سفره بمنع دخول البلاد، قبل أن يعود للجهات الأمنية في المعبر الحدودي لإبلاغها بأنه بالفعل يريد دخول اليونان بإرادته، لكن السلطات لم تسمح له لاحقاً بالدخول.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد قال، الثلاثاء، إن درويش العالق على الحدود التركية مع اليونان «ليس مشكلة تركيا»، موضحاً: «لا يهمنا ما إذا كان عالقاً على الحدود أم لا. وليس مشكلتنا إذا سمحوا له بالدخول أو لا»
إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية قوله إن الوزارة «على علم بالتقارير حول اعتقال السلطات التركية لمواطن أمريكي»، ولكنه لم يقدم معلومات إضافية بسبب قوانين الخصوصية.
وكانت تركيا قد هددت لأسابيع بالبدء بعملية ترحيل عناصر تنظيم «الدولة» المعتقلين في تركيا إلى بلادهم، وشدد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الذي اعتبر أن بلاده «ليست فندقاً لعناصر التنظيم من مواطني الدول الغربية»، على أنهم سيعيدونهم إلى دولهم «سواء أسقطت عنهم الجنسيات أم لا».
وفعلياً، بدأت السلطات التركية، الإثنين، في عمليات ترحيل عدد من هؤلاء إلى بلادهم، فإلى جانب المواطن الأردني ـ الأمريكي درويش، آخر دنماركي وصل بلاده، ثم الإعلان عن الانتهاء من إجراءات ترحيل 7 أشخاص إلى ألمانيا، و11 آخرين إلى فرنسا، وتواصل إجراء ترحيل آخرين إلى دول أوروبية مختلفة.
وبينما لا توجد إحصائيات دقيقة، يرجح أن السلطات التركية تسعى إلى ترحيل قرابة 1200 شخص متهمين بأنهم عناصر منتمون بشكل خطير إلى تنظيم «الدولة»، بينهم مواطنون أمريكيون وأوروبيون، إلى جانب مواطني دول عربية مختلفة أبرزها تونس.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أمس الأربعاء، إن ألمانيا وهولندا أعلنتا اعتزامهما استلام مواطنيهما من تنظيم «الدولة» مع أسرهم، وقال: «أكد الجانبان عزمهما استلام إرهابيي داعش، مع زوجاتهم وأولادهم، بمن فيهم الموقوفون لدينا، والمحتجزون تحت مراقبتنا في سوريا»، وأعرب عن أمله بأن تظهر البلدان الأخرى نفس التعاون والموقف البناء على غرار ألمانيا وهولندا، على حد تعبيره.
إلى ذلك، قال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير، إن بلاده ستستعيد 11 فرنسياً يشتبه بأنهم متشددون من تركيا، لكن تقديرات تشير إلى وجود قرابة 400 إلى 500 فرنسي انتموا للتنظيم ما زالوا محتجزين في شمالي شوريا، إلى جانب المحتجزين في تركيا الذين رحل منهم حتى الآن قرابة 250 في السنوات الأخيرة، بموجب اتفاق بين باريس وأنقرة.
ورغم الدعوات المتكررة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتركيا، إلا أن الدول الأوروبية عبرت عن رفضها ومخاوفها من استقبال مواطنيها المنضمين إلى داعش، وعمدت دول أوروبية إلى سحب جنسياتها منهم، إلا أن تركيا بدأت بترحيلهم رغماً عن تلك الدول.
وعبّرت الخارجية الفرنسية عن رغبتها في إقامة حوار وثيق مع تركيا بخصوص الأوضاع في شمال شرقي سوريا وجهود مكافحة تنظيم «الدولة»، لا سيما عناصر التنظيم الذين تعتزم تركيا ترحيلهم إلى فرنسا. كما اعتبر وزير العدل والأمن الهولندي فريد غرابرهاوس، أنّ تركيا هي التي ستقرر ما تفعله حيال عناصر التنظيم على أراضيها.