اسماعيل كايا / اسطنبول
أكدت مصادر تركية متطابقة، أن الجيش التركي بدأ عملياً، الإثنين، اختبار الرادارات التابعة لمنظومة إس 400 الدفاعية الروسية في سماء العاصمة أنقرة، وذلك على الرغم من تصاعد الضغوط والتهديدات الأمريكية، حيث من المقرر أن تدخل المنظومة الروسية الخدمة الفعلية لدى الجيش التركي في أبريل المقبل، بحسب تأكيدات مسؤولين أتراك كبار.
وفي ساعة مبكرة من فجر اليوم، أعلنت ولاية أنقرة في بيان لها، أن يومي الاثنين والثلاثاء سوف يشهدان تحليقاً مكثفاً وعلى ارتفاعات مختلفة لطائرات حربية من طراز F16 وطائرات أخرى وذلك في إطار “اختبار رئاسة الصناعات الدفاعية التركية منظومة دفاع جوي”، لم يتم تحديدها، فيما أعلنت وزارة التركية أنه يجري اختبار منظومة للدفاع الجوي بالتعاون مع رئاسة الصناعات الدفاعية، دون تحديد المنظومة أيضاً.
ومع الساعات الأولى لصباح اليوم، بدأت طائرات حربية تركية بالتحليق في سماء العاصمة، وسط تأكيدات من وسائل إعلام تركية مختلفة أن المنظومة التي يجري اختبارها هي منظومة إس- 400 الدفاعية الروسية التي أكملت روسيا تسليمها إلى تركيا خلال الأشهر الماضية.
وأوضحت صحف تركية أن الاختبارات تجري بالدرجة الأولى على أنظمة الرادار التابعة لإس- 400، فيما نشرت صحيفة “حرييت” صورة لأنظمة رادار منصوبة في “قاعدة مرتد الجوية” في العاصمة أنقرة قالت إنها تابعة للمنظومة الروسية، وهي نفسها القاعدة التي حطت فيها الطائرات الروسية التي نقلت المنظومة من موسكو لأنقرة.
كما أظهرت مقاطع فيديو التقطت من محيط القاعدة منظومتي رادار ضخمتين مفعلتين، حيث أوضحت “حرييت” أن الاختبارات تركز على قياس مدى دقة الارتباط والرصد بين أنظمة الرادار وبين الطائرات التي يتم رصدها، وتحديد دقة فرز الطائرات ما بين “صديق وعدو”.
ونقلت صحيفة “ملييت” التركية عن مصادر قالت إنها من رئاسة الصناعات الدفاعية التابعة لرئاسة الجمهورية التركية، تأكيدها أن الاختبارات تجري على المنظومة الروسية، وأنها سوف تتكثف في الأيام المقبلة تحضيراً لتفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة بشكل كامل في أبريل المقبل.
والمنظومة التي اشترتها تركيا من روسيا بقيمة 2.5 مليار دولار، تتكون من منظومتين منفصلتين، تحتوي كل منهما على بطاريتين، وبحسب التسريبات السابقة للصحافة التركية، فإن وزارة الدفاع تخطط لنصب منظومة في العاصمة أنقرة ومحيطها، وأخرى قرب السواحل التركية الموازية لشرقي البحر المتوسط حيث الصراع على الغاز وصل إلى ذروته هناك.
وطوال الأشهر الماضية شهد ملف شراء تركيا منظومة إس- 400 من روسيا الكثير من حلقات الشد والجذب والتهديدات الأمريكية، وسط شكوك سابقة حول مدى قدرة تركيا على استلام المنظومة الذي تم بالفعل، وشكوك لاحقة حول قدرتها على تفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة.
وقبيل الموعد المحدد للتشغيل الفعلي للمنظومة بأشهر قليلة جداً، عادت القضية إلى الواجهة مجدداً وبقوة، لا سيما بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى البيت الأبيض واتفاقه مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب على تشكيل لجنة لبحث سبل حل الأزمة وإمكانية عودة تركيا لبرنامج صناعة وبيع طائرات F35 الذي طردت منه في أولى العقوبات الأمريكية رداً على شرائها المنظومة الدفاعية الروسية.
ورغم هذا الاتفاق، أكد أردوغان عقب الزيارة أنه أبلغ ترامب أن بلاده “لن تتخلى” عن المنظومة الروسية، وأنها مضطرة للبحث عن بدائل لطائرة F35، وقال أردوغان أمام البرلمان، الثلاثاء الماضي: “أبلغنا سيد البيت الأبيض بأن أنقرة لن تتراجع خطوة واحدة في إطار هذه القضية. وشددنا مع ذلك من جديد على اهتمامنا بشراء منظومات باتريوت”، ولكن من دون التخلي عن المنظومة الروسية.
وقبل أيام، قال رئيس دائرة الصناعات الدفاعية في الرئاسة التركية، إسماعيل دمير، إن بلاده اقتنت منظومة إس- 400 “لاستخدامها، لا لتركها جانبا”، وأضاف في التصريحات التي أعقبت زيارة أردوغان لواشنطن: “من غير المنطقي لأي دولة أن تشتري منظومات دفاعية مماثلة ثم تكتفي بتركها دون استخدام”.
وقبل أيام، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن أنقرة ستبحث عن بدائل حتما في حال لم تحصل على مقاتلات F35، مشدداً على أن بلاده ستفعل منظومة إس- 400 الروسية للدفاع الجوي، بشكل مستقل عن منظومات الناتو، ولن تدمجها معها بأي شكل من الأشكال.