قنبلة مدوية فجرها أحد الصحافيين الأتراك عندما كتب عن “لقاء سري” زعم أنه عقد بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغانومحرم إنجي المرشح السابق للرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة.
ومنذ أيام، انشغلت كافة وسائل الإعلام التركية بالحديث عن الخبر الذي لم يتم تأكيده حتى الآن وتحول إلى القضية الأبرز في البلاد ومحور تصريحات كبار المسؤولين السياسيين من الحكومة والمعارضة، وسط اتهامات متبادلة غير مسبوقة داخل أروقة أكبر أحزاب المعارضة من جهة، وبين الحزب الحاكم والرئيس أردوغان من جهة أخرى.
ومحرم إنجي هو نائب عن حزب الشعب الجمهوري رشحه الحزب للانتخابات الرئاسية الأخيرة منافساً لأردوغان، قبل أن يدخل في صراع كبير مع كليتشدار أوغلو زعيم الحزب، حيث حاول الإطاحة به من رئاسة الحزب واتهمه بالتسبب في خسارته والمسؤولية عن تراجع مكانته في الشارع التركي.
وبينما نفى أردوغان بشكل مطلق عقد مثل هذا اللقاء مع إنجي في القصر الرئاسي، نفى إنجي أيضاً هذه الأنباء بشكل قاطع، وسط اتهامات من كافة الأطراف لبعضها البعض بأن ما جرى “مؤامرة ولعبة سياسية” حاول من خلالها أحد الأطراف تحقيق مكاسب سياسية على حساب الآخر.
ويجري الحديث عن احتمالين أساسيين: الأول يتمحور حول أن تسريب هكذا خبر للصحافة تم من خلال أطراف تابعة لزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وذلك بهدف “إنهاء الحياة السياسية” لمحرم إنجي الذي ينافس كليتشدار أوغلو داخل أروقة الحزب، وذلك مع اقتراب الانتخابات الداخلية التي يرغب من خلالها كليتشدار أوغلو تحييد منافسيه والاستمرار في التفرد بقيادته.
نفى الطرفان حدوث الاجتماع، وحديث واسع عن مؤامرة
بينما يتمحور الاحتمال الثاني حول أن هذه الأنباء جرى تسريبها من جهات على علاقة بحزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان وبالتحديد “الاستخبارات التركية”، وتهدف إلى إشعال الخلاف بين إنجي وكليتشدار أوغلو من أجل إضعاف حزب الشعب الجمهوري الذي حقق تقدماً لافتاً في أدائه السياسي في الأشهر الأخيرة، أي منذ الانتخابات البلدية مارس الماضي.
وتضغط الأطراف الصحافية والسياسية في البلاد على الصحافيين الذين كتبوا عن الموضوع من أجل كشف مصادرهم والإعلان عن الجهات التي زودتهم بهذه الأنباء من أجل تحديد الأطراف التي دبرت هذه “المؤامرة”، حيث نشر الصحافيون تاريخ وساعة ورقم السيارة وتفاصيل أخرى دقيقة عن اللقاء المزعوم الذي بات يتصدر النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام.
وكان أردوغان قد تعهد بالاستقالة من منصبه في حال إثبات أنه قد التقى سراً محرم إنجي، وشن هجوماً حاداً على كليتشدار أوغلو متهماً إياه بتدبير “مؤامرات” داخل الحزب من أجل التخلص من منافسيه وتوجيه الاتهامات لأردوغان، مطالباً الحزب بالاعتذار عن “شغل الحياة السياسية التركية بقضايا غير هامة”.
ورداً على اتهام الاستخبارات التركية بترتيب القضية، قال أردوغان: “استخباراتنا ليس لديها الوقت للدخول في هكذا أمور، منشغلة بأمور الدولة وعملية نبع السلام، لا تهتم بما يجري داخل أروقة حزب الشعب الجمهوري، ولكن كليتشدار أوغلو يريد من اتهام الآخرين القول إن حزبه لا يوجد به مؤامرات من الداخل”.
وبينما شدد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم على أن الحزب والرئيس “ليس لهما أي علاقة بهذه القضية”، اعتبر المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري فايق أوزتراك أن ما حصل هو “مؤامرة جرى تدبيرها ضد الحزب”، مشدداً على أن ما جرى يستهدف بالدرجة الأولى زعيم الحزب كليتشدار أوغلو.
من جهته، صعد إنجي من هجومه على زعيم حزبه كليتشدار أوغلو متهماً إياه بالتفرد في قيادة الحزب واللجوء إلى المؤامرات للتخلص من خصومه، وسط أنباء عن نية الحزب البدء بإجراءات “تأديبية” ضد وصولاً لفصله بشكل نهائي منه.