أعلن علي باباجان، وزير الاقتصاد ونائب رئيس الوزراء التركي السابق، نيته الإعلان عن تشكيل حزب سياسي جديد معارض قبيل نهاية العام الجاري، مؤكداً عدم مشاركة الرئيس السابق عبد الله غًل في هذا الحزب بشكل مباشر، ولافتاً إلى اختلافه مع رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، وذلك في تصريحات تلفزيونية نادرة، بثت الأربعاء.
وعلى الرغم من أن هذه المعلومات ليست جديدة، إلا أن تأكيد باباجان لها مع قرب الإعلان عن تشكيل حزبه الجديد بشكل منفرد تؤكد فشل أبرز 3 أكبر قياديين منشقين عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في التوصل إلى اتفاق على تشكيل حزب واحد قوي يكون قادراً على تهديد مستقبل الرئيس رجب طيب اردوغان.
وقبل أشهر، أعلن باباجان استقالته من حزب العدالة والتنمية بشكل نهائي وذلك بعد سنوات من ابتعاده عن الحزب، وتوجيهه انتقادات لاذعة لقيادته الحالية، وعقب ذلك وبعد أيام من إحالته إلى لجنة التأديب في الحزب تمهيداً لإقالته، أعلن داود أوغلو استقالته من العدالة والتنمية برفقة 6 نواب سابقين في البرلمان، ووجه انتقادات تاريخية غير مسبوقة لاردوغان والعدالة والتنمية.
وإلى جانب حزب باباجان، فإن رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، يواصل استعداداته من أجل الإعلان عن تشكيل حزب سياسي جديد بدعم عدد محدود من القيادات السابقة في العدالة والتنمية، حيث أجرى تحضيرات واسعة للخطوة التي كان يتوقع أن يعلن عنها رسمياً خلال الأسابيع الماضية، لكنه عاد ليختفي عن المشهد الإعلامي والسياسي وسط تكهنات حول جديته في إنشاء حزب بمفرده وموعد هذه الخطوة.
في السياق ذاته، يبدو أن الرئيس السابق عبد الله غًل ما زال يصر أيضاً على عدم الإقدام على خطوة منفردة بالإعلان هو الآخر عن تشكيل حزب سياسي منفرد، ولكنه سيعمل على دعم حزب باباجان دون الالتحاق به رسمياً، لكنه لن يقدم أي دعم لداود أوغلو الذي يختلف معه بدرجة أكبر.
كما أن بولنت أرينتش، نائب رئيس الوزراء السابق، لم يتمكن من اتخاذ قرار بالانسحاب من العدالة والتنمية على غرار ما فعل باباجان وداود أوغلو، ورغم تصريحاته التي تنتقد الحزب بشكل غير مسبوق، إلا انه ما زال لم يعلن عن استقالته من الحزب الذي يهيمن على السلطة في البلاد منذ 17 عاماً.
باباجان يعلن نيته تشكيل حزب سياسي جديد معارض
ومن شأن فشل القيادات المبتعدة عن العدالة والتنمية في تشكيل جبهة موحدة أن يصعب مهمتها في مواجهة الحزب الحاكم أو الإطاحة بالرئيس اردوغان الذي ما زال يتمتع بقوة كبير داخل أروقة الحزب والبلاد بشكل عام، رغم بعض المصاعب التي مر بها في الأشهر الأخيرة.
كما أن من شأن هذا التشتت أن يمنع هذه الأحزاب -حال ولادتها- من الحصول على عدد معتبر من الأصوات يمكنها من تشكيل كتل برلمانية جديدة في البرلمان، كما أن تشتتها في الانتخابات الرئاسية يعدم فرص أي منها في تشكيل أي تهديد على مكانة اردوغان.
وإصرار هذه الشخصيات على تشكيل أحزاب مختلفة يسهل على حزب العدالة والتنمية واردوغان مواجهتها في أي استحقاق انتخابي مقبل، في الوقت الذي تتهم هذه الشخصيات اردوغان بالتفرد بالسلطة، إلا أن تشتتها سوف يدفع اردوغان لاتهامها بالخروج من الحزب وتشكيل أحزاب منفردة بهدف «تحقيق أطماع شخصية».
وعلى الرغم من أن التوقعات واستطلاعات الرأي الأولية تعطي حظوظاً محدودة ونسباً متواضعة للحزبين في المرحلة الأولى من تشكيلهما، إلا أن هذه الأحزاب قد تؤدي إلى تشتيت أصوات الناخبين المحافظين، وهو ما قد يعود بالضرر على الحزب الحاكم والنفع على المعارضة، دون قدرة هذه الأحزاب على تحقيق مكاسب مباشرة في المرحلة الأولى.
ويبدو أن باباجان يحظى بتأييد أكبر في الشارع التركي، حيث يستفيد من صورته كرجل اقتصاد ناجح في البلاد بالتزامن مع بحث الشارع التركي عن منقذ من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، في مقابل نسبة تأييد أقل لحزب داود أوغلو الذي لم ينجح حتى الآن باستقطاب قيادات أخرى وازنة في حراكه السياسي الجديد.
وبشكل عام، تبدو حظوظ الحزبين الجديدين -حال الإعلان عنهما فعلياً- متواضعة جداً في المرحلة الأولى، حيث منحتهما مراكز استطلاعات رأي وهيئات بحثية نسبة لا تتجاوز الـ3 إلى 5٪ إذا جرت انتخابات في الفترة القريبة المقبلة، وهي نسبة قد تزيد كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة عام 2023 وبناء على التحولات السياسية المتسارعة التي ستشهدها البلاد إلى حين هذا التاريخ.