اسماعيل كايا / اسطنبول
هددت تركيا مجدداً، ولكن هذه المرة بشكل أوضح وأوسع، بإغلاق قواعد عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة الأمريكية في الأراضي التركية وذلك في ظل تصاعد الخلافات بين أنقرة والحلف من جهة، والإدارة الأمريكية من جهة أخرى، لا سيما مع التوقعات بقرب فرض عقوبات أمريكية عليها بسبب شرائها منظومة إس 400 الدفاعية الروسية التي جدد وزير الدفاع التركي، خلوصي أقار، الأربعاء، أن بلاده لن تتخلى عنها على الإطلاق.
وفي تصريحات تلفزيونية، أمس الأربعاء، هدد وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، بإمكانية بحث مسألة إغلاق قاعدة إنجيرليك الجوية التي تستخدمها القوات الأمريكية في ولاية أضنة التركية، وقاعدة كورجيك العسكرية التي يستخدمها حلف الناتو في ولاية ملاطيا التركية، وذلك في حال فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على عليها.
ورداً على سؤال حول الخطوات التركية المتوقعة حيال فرض عقوبات أمريكية، وإمكانية طرح موضوع قاعدة إنجيرليك الجوية، قال جاوش أوغلو: «يمكن طرح وضع إنجيرليك وكورجيك وكل شيء، لا أريد الحديث حول افتراضات لسيناريوهات سيئة».
وبينما لوحت تركيا مراراً بطرد القوات الأمريكية من قاعدة إنجيرليك الجوية مع كل أزمة عصفت في العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، إلا أنها طرحت بدرجة أقل قاعدة كورجيك التي تستخدمها القوات الأمريكية وغيرها من القوات الأجنبية تحت لواء حلف الناتو.
وقاعدة إنجيرليك تحمل أهمية كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتواجد فيها قوات أمريكية مختلفة وأسراب من الطائرات الحربية وأنظمة القيادة والتحكم والاستطلاع وتقع على مسافة قريبة من الحدود مع سوريا والعراق، الدولتين اللتين يوجد فيهما نشاط كبير للقوات الأمريكية، وتعتبر بمثابة الحدود الجنوبية الأولى لحلف شمال الأطلسي.
تركيا تهدد بإغلاق قواعد أمريكا والناتو:
ويذكر أنه في الماضي، خلال إحدى أكبر الأزمات بين البلدين، اتخذت تركيا قراراً غير مسبوق عبر إلغاء جميع الاتفاقيات العسكرية مع الولايات المتحدة من جانب واحد وطرد آلاف العسكريين والمدنيين الأتراك، عقب قرار الحكومة التركية نقل السيطرة والسيادة على جميع القواعد العسكرية التي يستخدمها الجانب الأمريكي في تركيا للجيش التركي.
هذه الخطوة التي جاءت رداً على فرض الإدارة الأمريكية حظراً على وصول الأسلحة إلى تركيا بسبب العملية العسكرية التي سيطر من خلالها الجيش التركي على أجزاء واسعة من جزيرة قبرص عام 1974، ولم تتراجع عنها أنقرة إلا بعد 3 سنوات حين تراجعت الإدارة الأمريكية عن قرار حظر إيصال الأسلحة لتركيا، حيث يحتفي الأتراك بهذه الحادثة على اعتبار أنها نموذج لمواجهة ما يسمونه «غطرسة» الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الدوام، تهدد أنقرة بإغلاق «إنجيرليك» أمام القوات الأمريكية، لا سيما عقب تصاعد الأزمة بين البلدين فيما يتعلق بدعم وحدات حماية الشعب الكردية في شمالي سوريا، ويشدد كبار المسؤولين الأتراك على أن إغلاق القاعدة هو «حق سيادي» لتركيا يمكنها من اتخاذه وقتما تشاء، لكنها لم تنفذ هذه التهديدات رغم مستويات التراجع التاريخية التي وصلت إليها العلاقات بين البلدين.
في الإطار ذاته، تحمل قاعدة كورجيك أهمية مختلفة كونها قاعدة أنشئت بدرجة أساسية من قبل حلف الناتو في ولاية ملاطيا التركية وسط جنوب تركيا ليس بعيدة عن الحدود مع سوريا والعراق وإيران وهي قاعدة أقيمت خصيصاً بعد التوافق عليها بين زعماء الناتو عام 2010 وهي مخصصة لأنظمة المراقبة وجمع المعلومات والدفاع.
وجرى طرح أهمية القاعدة في مرات مختلفة متعلقة بجمع المعلومات الاستراتيجية عن مناطق النزاع في سوريا والعراق، لكن أهمية القاعدة تتعلق أكثر بالملف الإيراني ووجود قاعدة رادار متقدمة لحلف الناتو على الحدود مع إيران وذلك في ظل التوتر المتصاعد بين طهران والحلف والخشية من وقوع نزاع مسلح مع إيران، حيث إنها تحتوي على أنظمة لاعتراض الصواريخ الباليستية ويتواجد بها عشرات الجنود الأمريكيين.
وتهدد الولايات المتحدة بفرض عقوبات واسعة على تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الروسية، حيث يعمل الكونغرس على مسودات مختلفة لفرض عقوبات تتعلق بالمجال الدفاعي والعسكري والاقتصادي إذا لم تتخل تركيا عن المنظومة الروسية، لكن وزير الدفاع التركي أكد، الأربعاء، أن بلاده لن تتخلى عن المنظومة، مشيراً إلى أن عمليات التدريب ونصب المنظومة سوف تنتهي قبل نهاية العام الجاري، بينما سيتم تفعيل المنظومة قبيل الربيع المقبل.