هناك مثل عربي يقول:” جنت براقش على أهلها”، وترجع جذوره إلى كلبة تدعى براقش أكرمها سكان قرية ، وأحسنوا إليها غاية الإحسان ، وذات يوم قدم إلى القرية قطاع طرق مجرمين وفطن أهلها بمجيئهم ،فاختبؤوا ونقلوا أموالهم إلى سراديب أرضية مموهة ، أعدوها سلفا لمثل هذه الحالة المستعصية ، ولما وجد اللصوص أهل القرية وكنوزهم فارغة ظنوها مهجورة ، فقرروا الإنصراف ، لكن لسوء الحظ ، بدأت براقش تنبح بقوة في المخبأ ، فسمعها اللصوص، واكتشفوا المخبأ، وقتلو أهل القرية جميعا ، وقاموا بنهب أموالهم، ومن تم جاء المثل العربي جنت براقش على أهلها .
سنعود لبراقش في نهاية المقال ، لكن دعونا أولا نحلل الصورة ، و التي تحمل في طياتنا قراءتين :
1) – قراءة أولى واضحة سهلة الفهم : وهي التي يحملها عنوان الصورة (( مدريد تتجه نحو حل أزمة الغاز بتوقيع اتفاقيات في مجال الطاقة مع قطر )) ، بمعنى أن مدريد يئست ، ولم تعد تطيق التعامل مع الحمقى و مراهقي السياسة، الذين لا يفرقون بين ممارسة السياسة، وبين التعامل الإقتصادي ، مما دفع إسبانيا إلى استيراد كميات الغاز الأمريكي المسال ، و راحت قبل ساعات لإستيراد الغاز القطري لسد حاجياتها الطاقية ، بالرغم من أن تكلفة الغازين القطري و الأمريكي ستكون أكبر مقابل الغاز الجزائري ، لكنه سيضمن لإسبانيا راحة البال و التعامل مع العقلاء، ويريحها من مفاجآت الحمقى و المجانين ، الذين ينقصون ويزيدون كمية الغاز المصدر حسب الظروف السياسية ، ويهددون هذه الورقة زبناءهم كلما شاؤوا ذلك .
إن إسبانيا دولة مسؤولة ، و لم تعد تتحمل أن تستورد شيئا مقابل فرض شروطه عليها، ومن يعتبر نفسه صاحب فضل عليها تجب طاعته، ويعطي نفسه حق إملاء شروطه التي لا تنتهي ، و يلزمها بألا تعيد بيعه لمن تريد ، ويهددها بقطع الغاز إن فعلت ذلك .
إن تصرف إسبانيا الأخير ، يثبت لنا جميعا أنها تيقنت أخيرا من حقيقة من حشرنا الله وإياها في الجوار، وأن الله عز وجل ، استجاب لطلب المرحوم المرحوم الحسن الثاني ، الذي كان يعلم أنه بمجرد فهم العالم للعقلية العسكرية الجزائرية ، سيتيقن بلاشك أننا مظلومون ، ويساعدها على تكنيس وتنظيف العالم من هذه الفيروسات المضرة، وسيهزمون من دون أن يضطر المغرب للدخول معهم في حرب مباشرة .
أما القراءة الثانية للصورة : فتظهر من اختلاس تبون النظر لأمير قطر ، منافسه الجديد في مجال بيع الغاز لإسبانيا، وهو يتحسر بعدما رآه يرحب بحفاوة بالزبون الإسباني الجديد بسبب غباء النظام العسكري و سياساته المتهورة ، ولسان حال الرئيس الجزائري يقول: ” يا إلهي، ماذا فعلت؟ وماذا جنيت من عدائي للمغرب و إقحامي لملف الغاز لاستفزاز إسبانيا ؟
و من خلال ما سبق، فإن تبون هو براقش الجزائر الذي جنى على أهلها بنباحه في الأوقات غير مناسبة ، وبعد تدخله السافر في سيادة الدولة الإسبانية وموقفها الأخير من ملف الصحراء المغربية ، التي سعت من خلاله إلى الحفاظ على مصالحها مع المملكة المغربية الأمنية و الإقتصادية .