كلنا يعرف الممثل والمخرج ، والمؤلف العالمي دي الأصول الإيطالية ألباتشينو، وجل المثقفين ممن يهتمون بهذه الشخصية، يتذكرون لها قولة شهيرة : ((من الخطأ أن تعامل البشر كلهم بنفس الأسلوب، فالحذاء والتاج كلاهما يلبس، لكن أحدهما تضعه على رأسك، والآخر تدوسه بقدميك))، وقد أعجبت بالرسمة التي رسمها الفنان المبدع دائما، صديقي، بابا حميد، الذي أمتعنا اليوم مشكورا ،برسمة: الإتحاد الأوروبي في هيئة رجل أنيق ببدلته العصرية، يضع تاجا براية مغربية فوق رأسه ، وينتعل حداء عسكريا ، براية جزائرية في رجله، وحتى لا يغضب بعض أصدقاؤنا الجزائريين من كاريكاتير بابا حميد ، فالصورة معبرة بما يكفي عن نفسها، لكي تبدد الغموض، فطبيعي أن المغرب به نظاما ملكيا الذي يرمز له في كل الملكيات في العالم بالتاج ، والمكان الطبيعي الذي يوضع به التاج عندما يلبس، هو فوق الرأس، وأيضا لا أحد يستطيع أن ينفي أن النظام الجزائري الحاكم نظام عسكري ، وان أهم ما يميز العسكري في منظره عن باقي الناس المدنيين هو نوعية الحداء الخاص به، الدي يلبسه ، من نوع ((Brodequin )),، ولا شك أن مكان الحداء الطبيعي عندما يلبس هو الرجلين، إذا لا عيب في أن يرمز بابا حميد للأشياء برموزها ، وأن يرمز للنظام العسكري الجزائري بالحداء العسكري، الذي لا يوضع إلا بالرجل،
وإذا عدنا للرسمة كاملة سنجدها تصور لنا الإتحاد الأوربي في هيئة رجل وسيم، يرتدي بدلة أنيقة و يعلق على صدره راية الإتحاد الأوروبي التي تدل على شخصه ، ويضع جيرانه المغرب والجزائر كل في مكانه المناسب، و مقامه اللائق به ، حسب رمزية نوع نظامه، فبما أن المغرب ملكي ، في كل شيء ، في نظامه، في تعامله، في أخلاقه، وتربيته الكلاص، فمكانه الطبيعي عند الإتحاد الأوروبي هو وضعه فوق رأسه،وبما أن النظام الجزائري نظام عسكري ، غير متحظر ،عنيف، ويغلب عليه في تعامله مع الآخر طابع التهجم ،والتهور والتهديد الهمجي، فلا ينتظر من الإتحاد الأوروبي الذي يتعامل بعقلية ألباتشينو ،إلا أن ((يأدي لو على دماغو بالجزمة، كما يقول إخواننا المصريون))، ولا يعامله معاملة المغرب بطريقة متحضرة ، بل سيتعامل معه بالأسلوب الذي يليق به ويفهمه، أسلوب (( العصا لمن عصى)) ، والتي لا يستطيع هذا النظام أن يفهم غير لغتها، والتي تكون أكثر نجاعة معه،
وهنا سأعود لآلباتشينو، الذي هو من أصل أوروبي ،ويعطينا فكرة عن العقلية الأوربية التي تميز بين البشر في تعاملها، باختلاف نوعية ،و قيمة، ومقام هذا البشر ، وكما قال أجدادنا العرب ،لكل ((مقام مقال ))، رسمة بابا حميد أيضا، تعبر لنا عن اختلاف ردة الفعل عند الإتحاد الأوروبي عندما يكون الفعل مرتكب من المغرب ، عنه إذا ارتكب هو نفسه من الجزائر ، فتصعيد المغرب لموقفه مع إسبانيا ، أيام أزمة بنبطوش ، و الذي وصل حد مسه مباشرة بمصالح الإتحاد الأوروبي كاتحاد ، عندما ترك أفواج المهاجرين السريين، يعبرون حدوده ويهجمون على أوربا، وامتنع عن لعب دور دركي الحدود، و أن يمنع جحافل المهاجرين السريين من الوصول إليها، وأيضا قيامه بإغلاق معبري سبتة ومليلية بالمرة، وما نتج عن ذلك من خنق اقتصادهما ، تم معاقبته لإسبانيا وألمانيا في نفس الوقت، بإستدعاء سفيرتيه بهما ، وإيقاف كل البرامج التعاونية المسطرة مع ألأولى، رغم حلول أجلها، ورفضه التوصل بهباتها وزهده فيها، ورفضه دعوتها له لحضور مؤتمر حول ليبيا ، وتهميشه سفراء الدولتين معا، وعدم استدعائهما، للحضور الرسمي كباقي سفراء العالم لديه في المناسبات الرسمية ، والثقافية التي تهم بلديهما ، وإيقاف المغرب، لكل عمليات التنقل والنقل والسفر المباشر من أضه لأرض إسبانيا ومنها للمغرب عبر البحر ، وكل ما اشتكت ألمانيا وإسبانيا إلى باقي الدول الأوروبية من المغرب وتصرفاته، كلما اقترحوا عليهما حل الوساطة، وطلبو منهما ضبط النفس، و فتح حوار جاد وصريح ، لإيجاد حل للمشكل ، ولما غامر الإتحاد الأوربي، وحاول لعب ورقة ضغط مع المغرب، وخاطبه بلهجة التنديد بتشجيعه للهجرة السرية، ووقوفه وقفة متفرج على أفواج المهاجرين الذين يقصدون أوربا كلها ، ويضرون بمصالح كل أعضاء الإتحاد ، لم يسكت المغرب، بل رد وبقوة، رافضا أي تدخل للإتحاد ليملي عليه ما يجب او لا يجب فعله فوق سيادة أراضيه، ولم يكتف بذلك ، بل قام، وحشد له البرلمان العربي، بكل أطيافه، وندد البرلمان العربي بتدخل البرلمان الأوربي ضد دولة عربية، وتهديدها لحماية دولتين من اعضائه ، وقال حرفيا لكل من يهمه الأمر ، أنه إذا اتخذت أية إجراءات ضد المغرب، فالبرلمان العربي سيعمل على رد فعل من نفس المستوى، ضد الدول التي تحتمي بالاتحاد الأوربي ضد المغرب، فما كان من الإتحاد الأوربي غير، تغاضيه عن التصعيد مع المغرب، خصوصا وأن رد البرلمان العربي كان قويا وبشبه إجماع، إذا استثنينا فقط موقف الجزائر المخجل التي كعادتها دائما تشق الصف العربي، وتمزق وحدته، والتي تحفظت على قرار البرلمان العربي، ضد برلمان الإتحاد الأوربي ، ولم توافق عليه، والنهاية الكل يعرفها ، فبعدما أصبحت الدول الأوربية لا تتحد ضد المغرب، وتهرول لتلبية رغباته حتى ما يمكن منها أن يضر بإسبانيا، مباشرة، فمثلا المغرب حرم إسبانيا من عبور المهاجرين المغاربة، وحرمها من عبور كل من يريد الدخول لها أو منها للمغرب بوسيلة نقل ، بعد أن ألزم هؤلاء بالعبور من أراضي البرتغال أوفرنسا بحرا ،والتي فتح معهما خطين بحريين لهذا الغرض ، ووافقا عليهما، رغم علمهما المسبق بأن الهدف من فتحهما هو تهميش إسبانيا التي كانت تستفرد بكعكة عودة المهاجرين المغاربة صيفا في عملية مرحبا ،
لم يكن أمام ألمانيا غير اعترافها بحل الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لحل نزاع الصحراء، لإرجاع علاقتها مع المغرب لطبيعتها الأولى، وكان لها ذلك، نفس الشيء قامت به إسبانيا التي استنجدت بحليفتها أمريكا في الحلف الأطلسي والناتو للضغط على المغرب، لكن أمريكا بايدن طلبت منها ان تفتح حوار مع المغرب، وتحل مشكلتها معه بهدوء، ولم تتدخل لتضغط ، ولم تتدخل ايضا وهي ترى المغرب يرفض مشاركة إسبانيا في مناورات الأسد الإفريقي التي تعودت على المشاركة فيها تحت الإشراف الأمريكي فوق التراب المغربي ، فوصلت الرسائل لإسبانيا من كل الجهات، وفهمت قوة المغرب، وعادت لرشدها، وركزت على مصالحها ، واعترفت هي الأخرى بحل الحكم الذاتي كحل واقعي لمشكل الصحراء ، المشكل أن الجزائر الرسمية كذبت كذبة على شعبها بأنها قوة جهوية ضاربة لإلهائه ،وصدقت نفسها، وارادت تقليد المغرب، في تصعيدها مع إسبانيا ، بأن هددت بمراجعة اتفاقية الغاز ، و أمرت بسحب سفيرها وبإيقاف معاهدة التعاون وحسن الجوار، وأصدرت تعليماتها للأبناك بأن توقف عمليات التحويلات المالية البنكية بينها وبين إسبانيا ، إلا أن الإتحاد الأوربي الذي يعرف جيدا لغة العصا التي تنفع معها، صرخ في وجهها، صرخة مدوية، ارتعدت لها فرائصها، وخاطب بائعة الغاز بلغة تهديدية ، وال لها أتظنين أن الخمسين مليار متر مكعب من الغاز التي تزوديننا بهم ، تعطيك الحق في العربدة، يابائعة الغاز، انت تزودين اوربا كل أوربا بما لا يزيد على الثلاثين مليار متر مكعب سنويا ، وروسيا تزودنا ب أكثر من 200 مليار متر مكعب سنويا ، كما تبيعنا الكثير من الاشياء الأخرى، وأنت لست بشيء أمام ما تصنعه من سلاح و عتاد بما فيه النووي ، ومع ذلك لم نرحمها،واستغنينا عن كل ما يأتي منها، ومونا أوكرانيا بالسلاح ضدها، فأين انتي من روسيا ، فاعرف قدرك، والزمي حدودك، فما كان من بعثة الجزائر بالاتحاد غير الخروج بإعطاء ضمانات أن الغاز الجزائؤي لن يقطع عن إسبانيا ، وأن أوربا فهمت وقف معاهدة التعاون وحسن الجوار خطأ ، وأن التعليمات التي صدرت للابناك بوقف التحولات البنكية لا غية ، لم ولم تكن من جهة حكومية جزائرية ، المهم الأنف الجزائري تهشم مع صرخة الإتحاد الأوربي ،و مات رحمه الله ليبعث فقط ضد المغرب ، وكل ردة فعل الجزائر على الإتحاد الأوربي لم تكن غير اعتذار ورجفة الخائف الندمان على ما فعل ، لعل وعسى تبونهم اليوم، يعي الدرس جيدا، ويعرف من من المغرب والجزائر يعامل من طرف الغير كقوة ضاربة ،ومن يعامل كقوة مضروبة، ولكي يفهم جيدا الدرس لأنه قليل الفهم، انصحه بتعليق رسمة بابا حميد بمكتبه والتأمل فيها جيدا ،لأنها تقول كل شيء للناس التي لا تفهم أي شيء %