بما أنه تربطني بالفنان بابا حميد معرفة شخصية تمتد لعشرات السنين، ،فقد تعلمت قلبلا كيف أقرأ لغة ريشتة ،عندما تخط رسوماتها الكاريكاتورية التي تحمل أفكارا تتخطى ما تنقله مجرد قراءة سطحية للصورة ، وبينما كنت أتصفح الهاتف اليوم ، أثار انتباهي رسما لبائعة الغاز وأشياء أخرى، ((الرسم رفقة هذا المقال)).
لذا قررت مشاركتكم تحليله، لعلي أوفق في ذلك، …. من يرى رسمة بائعة الغاز وأشياء أخرى ، وينظر إليها نظرة سطحية سيقول بأن الفنان رسم صورة لبائعة هوى جزائرية مسنة لكنها تتصابى، وتلبس زي تعاطي الفساد الذي لا يتماشى مع من هن في سنها، ورغم محاولتها اليائسة لتجميل وجهها القبيح باستعمال المكياج ، لم تنجح في إصلاح ما أفسده الزمن ، وأن كتابة الرسام لكلمة بائعة الغاز وأشياء أخرى، يقصد بها بائعة الهوى ، و إن يصرح بذلك على استحياء منه ، وهناك اكسسوارات التي تأكد ذلك، كوجود العازل الطبي على الأرض، الذي هو من أدوات تعاطي الفساد، والعصى التي تضرب بها بعض بائعات الهوى زبناءهن من الشواذ ،والسكاتة التي لا نعلم لماذا أقحمت في الرسمة ؟ ، وهذا كل ما سيستنتجه أي مشاهد عادي لرسمة بابا حميد .
لكن قراءتي المتواضعة للرسمة، والتي أرجوا من الله أن أوفق فيها ، تقول أن الفنان يريد أن يقول عبرها:” أنظروا هذه هي الجزائر الجديدة، التي على رأسها تبون ، أنظروا كيف تدار من قبب رأس هرم الدولة ، أي أن الرئيس تبون رجل كبير في السن ، لكنه لازال يتصابى في سياسته ، وعوض أن يلتفت لخدمة الجزائر والجزائريين التي هي واجبه الدستوري الأسمى، والعمل على إصلاح البلاد وتنميتها، ورعاية مصالحها، وشؤونها بالشكل المطلوب واللائق، يقوم بإدخالها في متاهات وصراعات جانبية و صبيانيه لا طائل من ورائها غير جلب الكوارث، خصوصا مع جاره المغرب ، ورغم قبح صورته على رأس البلاد ، إلا أنه يحاول جاهدا استعمال المكياج لتجميل قبيح سياسته، وتلميع أوامر أسياده ، على الرغم من أنه يعلم علم اليقين، أن وضع البلاد في تدهور بشكل كارثي و مستمر ، أما الجدار المتآكل الهش ، الذي تتكئ على صلابته الجزائر، فهو يرمز لحالة بنية الدولة المزرية و المتهالكة التي تقف عليها ، والتي تحتاج إلى إصلاح في كل شيء ، و تظهر من خلال الصورة هشاشتها البارزة للعيان ، رغم قيام تبون بمناورات وحركات إغراء رفع الرجل، أمام أعين كل متتبع ، لإلهائه بمفاتن جزائره الجديدة (التي يظهر أنها أصبحت خارج الصلاحية ولا تفتن أحدا) ، و لتشتيت انتباهه عن الإنتباه لحقيقة الوضع، الذي عليه واقع الحال”.
أما في فوق الأرض ، فقد تعمد بابا حميد إبراز لوازم اشتغال الجزائر الجديدة، التي هي سكاتة المباديء التي تعمد صباغتها باللون الأزرق، و التي تستعمل لإقناع وإسكات بوصبع الأزرق بخطابات المباديء، والوعود الكاذبة ، والعازل الطبي لمن تغريه الجزائر على حالتها ، و تهبه نفسها وخيراتها ليقضي وطره منها، عن طريق نهب المال، وقضاء المصالح، كما تفعل مع ضباطها العساكر، ومحيطهم ، الذين يتناوبون على قضاء حاجتهم منها ، وكذلك مسؤولي الجمهورية الوهمية الذين يعيشون في خيراتها ، أو بعض الدول التي تشتري الجزائر ذممها في اتخاذ مواقف، ونهج سياسات تناسب أطماع النظام الجزائري ، والذي قد يكون غازا بأثمنة رخيصة مغرية ، أو من خلال الأموال ، ولاننسى أن نذكر من بين أصحاب من يقضون الوطر أيضا، تلك الجمعيات واللوبيات التي تأخذ نصيبها على شكل دعم ، ومساهمات وهبات سخية ، لتدافع عن تقرير مصير الشعب الصحراوي
و تساهم في تردي وتحقير مصير الشعب الجزائري ، أما العصى (الزرواطة ) فهي أيضا وسيلة عمل وتعامل للجزائر الجديدة تستخدم مع كل مواطن أراد أن يحتج ، أو أن يتظاهر، أو يرفع صوته ليحاسب، أوينتقد، أو يطالب بتغيير الجزائر الجديدة ، بعدما اكتشف أنها حتى وهي بمكياج تبون ، فقد ظلت قبيحة، وظل واقعها مزريا، ولن تستطيع أن تخفي عيوبه كل مكياجات العالم، مهما تطورت مختبرات صنعها %.